للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيكونُ عامِلاً في مال غَيرِه بغَيرِ إذْنِه، وفارَقَ الملْتَقِط بعْدَ بلوغ الجُعْل، فإنَّما بَذَلَ منافِعَه (١) بعِوَضٍ جُعِلَ له، فاسْتَحقَّه؛ كالأجير إذا عَمِل بعد العَقْد، ولا يَسْتَحِقُّ أخذَ الجُعْل بِرَدِّها؛ لأنَّ الرَّدَّ واجِبٌ عليه.

و (سَوَاءٌ رَدَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْجُعْلِ أَوْ بَعْدَهُ)؛ لِمَا سَبَقَ مِنْ أنَّ الجُعْلَ بدلٌ عن (٢) الفِعْل والرَّدِّ.

فإنْ قال غَيرُ صاحِبِ الضالَّة: مَنْ ردَّها فله دِينارٌ؛ فهو ضامِنٌ له، وإنْ أسْنَدَه إلى مالِكِها؛ فلا.

(وَتَصِحُّ عَلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ، وَعَمَلٍ مَجْهُولٍ)؛ لأِنَّها عَقْدٌ جائِزٌ، فجاز أنْ يكونَ العَمَلُ والمدَّةُ مَجْهولَينِ؛ كالشَّرِكة، ولأِنَّ الحاجةَ تَدْعُو إلى ذلك؛ لكَونه لا يَعلَمُ مَوضِعَ الضَّالَّة والآبق.

(إِذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا)؛ لأِنَّه يَصيرُ لازِمًا بِتَمام العمل، وكالأجرة؛ لأنَّه في معنى المعاوَضةِ، لا تعليقًا مَحْضًا، فلو قال: أنت بَرِيءٌ من المائَة؛ صَحَّ؛ لأِنَّ تعليقَ الإسْقاط أقْوَى.

وفي «المغْنِي» تخريجٌ: بجَواز جَهالة الجُعْل، إن لم يَمنَع التَّسليم؛ لقَوله: مَنْ ردَّ ضالَّتِي فله ثُلُثُها، بخِلافِ: فَلَه شَيءٌ، أخْذًا مِنْ قَول الإمام في الغَزْوِ: مَنْ جاء بعشرة أرْؤُسٍ (٣) فله رأْسٌ (٤).

فَعَلَيه: لو كانت الجَهالةُ تَمنَع من التَّسليم؛ لم تَصِحَّ الجعالةُ وجْهًا واحدًا، وحِينَئِذٍ: يستحقُّ (٥) العامِلُ أجرَ المثْلِ؛ لأِنَّه عَمَلٌ بعِوَضٍ لم يُسلَّمْ له،


(١) قوله: (بغير عوض جعل له، فيكون) إلى هنا سقط من (ق).
(٢) في (ظ): يدل على.
(٣) قال في الصحاح ٣/ ٩٣٢: (الرأس: يجمع في القلة أرؤس، وفى الكثرة رؤوس).
(٤) ينظر: مسائل أبي داود ص ٣١٩.
(٥) في (ظ): فيستحق.