للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ) عن الأصغر (حَتَّى يَتَوَضَّأَ) قبل الغسل أو بعده؛ لأنَّ النَّبيَّ توضَّأ لمَّا اغتسل (١)، وفعله يفسِّر (٢) الآية، ولأنَّهما عبادتان مختَلِفَتا القدر والصفة، فلم تتداخلا؛ كالحدود والكفَّارات.

وقال أبو بكر: يتداخلان إذا أتى بخصائص الصُّغرى، وهي (٣) الترتيب، والموالاة، والمسح، فلو غسل وجهه، ثمَّ يديه، ثمَّ مسح رأسه حين أفاض عليه الماء، ثمَّ غسل رجليه؛ أجزأه.

والأوَّل أصحُّ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النِّسَاء: ٤٣]، فجعل الاغتسال نهاية المنع من الصَّلاة، فيجب إذا اغتسل تجوز له الصَّلاة.

لا يقال: النَّهي هنا عن قُرْبان مواضع الصَّلاة، وذلك يزول بالاغتسال؛ لأنَّا نقول: هو نهي عن الصَّلاة، وعن مسجدها.

ولا يجوز حمله على المسجد فقط؛ لأنَّ سبب نزول الآية صلاة من صلَّى بهم، وخلط في القراءة، وسبب النزول يجب أن يكون داخلاً في الكلام.

وسئل جابر: أيتوضَّأ الجنبُ بعد الغسل؟ قال: «لا»، وعن ابن عمر نحوه، رواهما سعيد (٤).


(١) سبق تخريجه من حديث عائشة في الصحيحين ١/ ٢٨٤، حاشية (٣).
(٢) في (أ): مفسر.
(٣) في (أ): وهو.
(٤) أثر جابر : أخرجه عبد الرزاق (١٠٤٥)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (٦٧٤)، عن أبي سفيان به، وهو طلحة بن نافع القرشي، قال أحمد: (ليس به بأس)، وذكره الحاكم ممن كان يدلس من التابعين، قال شعبة وابن المديني وأبو خالد الداراني: (لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث)، وقال أبو زرعة: (طلحة بن نافع عن عمر مرسل، وهو عن جابر أصح)، فلا بأس بإسناده إن سلم من تدليس أبي سفيان. ينظر: جامع التحصيل ص ١٠٧، ص ١٠٢.
وأثر ابن عمر : روي من طرق متعددة صحاح، منها: ما أخرجه ابن أبي شيبة (٧٤٣)، عن غنيم بن قيس، عن ابن عمر ، سئل عن الوضوء بعد الغسل، فقال: (وأي وضوء أعم من الغسل؟!)، وأخرجه عبد الرزاق (١٠٣٨)، عن سالم عنه، وأخرجه أيضًا (١٠٣٩)، عن نافع عنه. وأسانيدها صحاح.