للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأثرم (١)، فدلَّ على أنَّه لا يحصل الإجزاء بدونه.

وجوابه: أنَّ الله تعالى أمر بالغسل، وقد أتى به، فوجب أن يجزئه، بدليل حديث عائشة، وبما (٢) روت أمُّ عمارة بنت كعب: «أنَّ النَّبيَّ توضَّأ، فأُتي بماء في إناء قدر ثُلثي المد» رواه أبو داود والنَّسائي (٣)، وحديثهم يدلُّ بمفهومه، وهذا بالمنطوق، وهو مقدَّم عليه اتِّفاقًا.

مسألة: إذا زاد على ذلك جاز، لكن يكره الإسراف والزيادة الكثيرة فيه، قاله في «المغني» و «الشرح»؛ لما روى ابن عمر: أنَّ النَّبيَّ مرَّ على سعد وهو يتوضَّأ، فقال: «ما هذا السَّرف؟» فقال: أفي الماء إسراف؟ قال: «نعم، وإن كنتَ على نهرٍ جارٍ» رواه ابن ماجه (٤).

(وَإذَا اغْتَسَلَ يَنْوِي الطَّهَارَتَيْنِ)، وقال الأَزَجي والشَّيخ تقيُّ الدِّين: أو الأكبر (٥)؛ (أَجْزَأَ عَنْهُمَا) على المنصوص (٦)، ولم يلزمه ترتيب، ولا موالاة؛ لأنَّ الله تعالى أمر الجنب بالتَّطهير، ولم يأمر معه بوضوء، ولأنَّهما عبادتان، فتداخلا في الفعل دون النِّيَّة، كما تدخل العمرة في الحج، ولا يرِد غُسل الحائض الجنب؛ لأنَّ موجِبهما واحدٌ.


(١) أخرجه أبو عبيد في الطهور (١١٤)، وأحمد (١٤٩٧٦)، وابن خزيمة (١١٧)، بهذا اللفظ، وأخرجه أبو داود بلفظ: «كان رسول الله يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد»، وإسناده حسن، مداره على يزيد بن أبي زياد القرشي، تُكلم فيه من قبل حفظه، وأنه تغير لما كبر، وكان يقبل التلقين. ينظر: تهذيب الكمال ٣٢/ ١٣٥، صحيح أبي داود للألباني ١/ ١٥٦.
(٢) في (أ): وما.
(٣) أخرجه أبو داود (٩٤)، والنسائي (٧٤)، وهو حديث صحيح. ينظر: التلخيص الحبير ١/ ٣٧٨، الإرواء ١/ ١٧٢.
(٤) أخرجه ابن ماجه (٤٢٥)، وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن لهيعة، والعمل على تضعيف حديثه كما قال الذهبي وغيره من الأئمة. ينظر: التلخيص الحبير ١/ ٢٩٩.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٢١/ ٢٩٩.
(٦) ينظر: مسائل أبي داود ص ١١.