للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لكِنْ إنْ كانت الصُّيودُ مُتَوحِّشَةً (١)، بحَيثُ إذا تُرِكَتْ رَجَعَتْ إلى الصَّحراء (٢)، وعَجَزَ عنها مالِكُها؛ جاز الْتِقاطُها لأِجْلِ حِفْظِها لصاحِبِها.

ويُستثنَى مِنْ كلامه: ما إذا وَجَدَها في مَوضِعٍ يُخافُ عَلَيها به؛ كأرْضٍ مَسْبَعَةٍ، أوْ قريبًا من دار الحَرْب، أوْ بِمَوضِعٍ يَسْتَحِلُّ أهلُه أمْوالَ المسلمين، أوْ في برِّيَّة لا ماءَ بها ولا مَرْعَى؛ فالأَوْلَى أخْذُها للحِفْظ، ولا ضَمانَ عَلَيهِ؛ لأِنَّ فِيهِ إنْقاذَها من الهَلاك، أشْبَهَ تَخْلِيصَها مِنْ حَريقٍ.

(وَمَنْ أَخَذَهَا؛ ضَمِنَهَا)؛ لأِنَّه أَخَذَ ملْكَ غَيرِه بغَيرِ إذْنِه ولا إِذْنِ الشَّارِعِ، فهو كالغاصِب، ولا فَرْقَ بَينَ زَمَنِ الأمْن والفساد أوْ غَيرِه، وسَواءٌ كان إمامًا أوْ لا، فإن (٣) ردَّها إلى مَوضِعِها؛ لم يَبْرَأْ منه، لكِنْ إذا الْتَقَط ذلك غَيرُ الإمام، وكَتَمَه؛ ضَمِنَه بِقِيمَتِه مرَّتَينِ، نَصَّ عَلَيهِ (٤)؛ للخَبَرِ (٥).

(فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى نَائِبِ الْإِمَامِ؛ زَالَ عَنْهُ الضَّمَانُ)؛ لأِنَّ الإمامَ له نَظَرٌ في ضوالِّ النَّاس، فكان نائِبًا عن أصْحابها.


(١) في (ح): مستوحشة.
(٢) في (ح): الصخرة.
(٣) في (ح): وإن.
(٤) ينظر: مسائل ابن منصور ٧/ ٣٥٨١.
(٥) أخرجه عبد الرزاق (١٨٥٩٩)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (١٧١٨)، والبيهقي في الكبرى (١٢٠٧٧)، من طريق عمرو بن مسلم، عن عكرمة، - أحسبه - عن أبي هريرة ، أن النبي قال: «ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها»، وعمرو بن مسلم هو الجندي نقل العقيلي عن أحمد قوله: (له أشياء مناكير، ومعمر قد روى عنه، وكان عنده لا بأس به)، وتكلم فيه آخرون، قال الذهبي: (ليَّنه أحمد وغيره، ولم يترك، وقوَّاه ابن معين)، وقال ابن حجر: (صدوق له أوهام)، وقد شك عكرمة في وصله وأعله المنذري بالإرسال، وأخرجه عبد الرزاق مرسلاً (١٧٣٠٠)، لكن له شاهد يقويه وهو ما أخرجه أحمد (٦٧٤٦)، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله سئل عن ضالة الغنم وفيه: قال: فمن أخذها من مرتعها؟ قال: «عوقب وغرم مثل ثمنها»، وحسّن سنده الألباني. ينظر: الضعفاء للعقيلي ٣/ ٢٥٩، صحيح أبي داود ٥/ ٤٠٢، التكميل لصالح آل الشيخ ص ٩٤.