للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نُقِضَتْ تصرُّفاتُه.

(وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ لَمْ يُقْبَلْ) على المذْهَب؛ لأِنَّه يُبطِل حقَّ الله من الحُرِّية (١) المحْكومِ بها، وهذا ظاهِرٌ فِيمَا إذا كان قد اعْتَرف بالحُرِّيَّة لِنَفْسه قَبلَ ذلك، وكذا إذا لم يَعتَرِفْ في الأصحِّ.

(وَعَنْهُ: يُقْبَلُ)؛ لأنَّه مَجْهولُ الحال، فيُقبَلُ إقْرارُه به؛ كالحدِّ والقصاصِ، وإنْ تضمَّنَ فَواتَ نَفْسه.

وشَرَطَ في «المغني» (٢) عَلَيها: ألاَّ يكونَ أقَرَّ بالحُرِّيَّة، فإنْ كان قد أَقَرَّ بها؛ لم يُقبَلْ؛ لأِنَّه يكون مُكذِّبًا لِقَولِه، كما لو أقرَّ بِدَينٍ ثُمَّ جَحَدَه.

(وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً)، وهو قَولُ المُزَنِيِّ؛ لأِنَّه أَقرَّ بما يُوجِبُ حقًّا عَلَيه وحقًّا له، فَوَجَب أنْ يَثبُتَ ما عَلَيه فقطْ، كما لو قال: لِفُلانٍ عِنْدِي ألْفٌ، ولِي عِندَهُ رَهْنٌ.

(وَهَلْ يُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

إحداهما: يُقبَلُ إقْرارُه في الجميع؛ لأِنَّ هذه الأحكامَ تَتْبَعُ الرِّقَّ، فإذا ثَبَتَ الأصْلُ بقَوله؛ ثَبَتَ التَّبَعُ، كما لو شَهِدَت امرأةٌ بالولادة، فإنَّها تَثْبُت ويَثْبُت النَّسبُ تَبَعًا.

فإذا قُلْنا: يُقبَلُ إقْرارُه بالرِّقِّ بَعْدَ نِكاحِه وهو ذَكَرٌ، وكان قَبْلَ الدُّخولِ؛ فَسَدَ النِّكاحُ في حقِّه، ولها عَلَيه نِصْفُ المهْرِ، وإنْ كان بَعْدَ الدُّخول؛ فَسَدَ نِكاحُه وعَلَيهِ المهْرُ، وَوَلَدُه حُرٌّ تابِعٌ لِأُمِّه، فإن كانَ متزوِّجًا بأَمةٍ؛ فَوَلَدُه لِسيِّدها، ويَتَعلَّق المهرُ بِرَقَبَته.

وإذا قُلْنا: يُقبَلُ قَولُه في جميع الأحكام؛ فالنِّكاحُ فاسِدٌ، ويُفرَّقُ بَينَهما، ولا مَهْرَ لها قَبْلَ الدُّخول، وبَعدَه على الخلاف.


(١) في (ح): الحرمة.
(٢) قوله: (في «المغني») سقط من (ح).