للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو مُشكِلٌ مِنْ وَجْهَينِ:

أحَدُهما: إثْباتُ الوقْفِ فِيما لم يَمْلِكْه، فإنَّ الماءَ يَتَجَدَّدُ شَيئًا فشَيئًا.

والثَّانِي: ذَهابُ العَينِ بالاِنْتِفاع، والوَقْفُ يَستَدْعِي بَقاءَ أصْلٍ يُنتفع به على مَمَرِّ الزَّمان، ولكِنْ قد يُقالُ: مادَّةُ الحصول مِنْ غَيرِ تأثيرٍ بالاِنْتِفاع يُنَزَّلُ مَنزِلةَ بَقاء العَين مع الاِنْتِفاع، وتأتِي تَتِمَّةُ ذلك.

(وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ)، في قَولِ أكثرِ العلماء (١)؛ لِمَا رَوَى ابنُ عُمَرَ: أنَّ عُمَرَ قال: إنَّ المائةَ سَهْمٍ الَّتي بِخَيبَرَ لم أُصِبْ مالاً قطُّ أعْجَبَ إليَّ منها، فأردت أنْ أتصدَّق بها، فقال النَّبيُّ : «احبِسْ أصْلَها وسَبِّلْ ثَمَرَتَها» رواه النَّسائيُّ وابنُ ماجَهْ (٢)، ولأِنَّه عَقْدٌ يَجوزُ على بعض الجُمْلة مُفْرَزًا، فجاز عَلَيهِ مُشاعًا؛ كالبيع.

ويُعتَبَرُ أنْ يقولَ: كذا سَهمًا مِنْ كذا سَهْمًا، قاله أحمدُ (٣).

قال في «الفروع»: ثُمَّ يتوجَّهُ: أنَّ المشاعَ لو وُقِفَ مسجدًا؛ ثَبَتَ حُكْمُ المسجد في الحال، فيُمنَعُ منه الجُنُبُ، ثمَّ القسمة (٤) متعينة هنا؛ لتَعْيِينِها (٥) طريقًا للاِنْتِفاع بالموقوف.

وفي «الرِّعاية الكبرى»: لو وَقَفَ نصْفَ عبْده؛ صحَّ ولم يَسْرِ إلى بقيَّته، وإنْ كان لغَيره، فإنْ أعَتَقَ ما وَقَفَه منه، أو أعْتَقه الموْقوفُ عَلَيه؛ لم يَصِحَّ ولم يَسْرِ، وإنْ أعْتَقَ الواقِفُ بَقِيَّتَه، أو أعْتَقَه شَريكُه فيه؛ عَتَقَ بقِيَّتُه، ولم يَسْرِ إلى الموقوف، وإنْ عَلَّق عِتْقَه بصفةٍ، ثمَّ وَقَفَه قَبْلَها؛ صحَّ وقْفُه.


(١) في (ح): الفقهاء.
(٢) أخرجه النسائي (٣٦٠٣)، وابن ماجه (٢٣٩٧)، والبيهقي في الكبرى (١١٩٠٥)، وقال الألباني في الإرواء ٦/ ٣١: (سند صحيح على شرط الشيخين).
(٣) ينظر: الوقوف والترجل ص ٦٥.
(٤) في (ق): القيمة.
(٥) في (ح): كتعيينها.