للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَيَصِحُّ وَقْفُ الْحَلْيِ عَلَى اللُّبْسِ وَالْعَارِيَّةِ)؛ لِمَا رَوَى نافِعٌ: «أنَّ حفصةَ ابْتاعَت حَلْيًا بعشرين ألْفًا حبَّسَتْه على نساء آلِ الخَطَّاب، فكانت لا تُخرِجُ زكاتَه» رواه الخَلاَّلُ (١)، ولوجود الضَّابِط، ولأِنَّ فِيهِ (٢) نفْعًا مباحًا مقصودًا، فجاز أخْذُ الأُجْرة عَلَيهِ، وصحَّ وقْفُه؛ كوَقْفِ السِّلاح في سبيل الله.

(وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ)، نَقَلَها الأثْرَمُ وحنبلٌ (٣)، قال في «المغْنِي» و «الشَّرح»: وأنكر حديثَ حفصةَ؛ لأِنَّ التَّحَلِّيَ لَيسَ هو المقصودَ الأصِلِيَّ من الأثْمان، فلم يَصِحَّ وقْفُها؛ كالدَّنانِيرِ.

ورُدَّ: بأنَّ المفْسِدَ فِيها عدمُ الاِنتفاع بعَينِها، وهذا في الحَلْيِ معدومٌ.

قال في «التَّلخيص»: وهو محمولٌ على روايةِ مَنْعِ وَقْفِ المنقول، وذَكَرَ القاضِي في «تعليقه» روايةَ الأثْرَمِ وحنبلٍ، ولَفْظُها: (لا أعْرِفُ الوقْفَ في المال)، فإنْ لم يكنْ في الرِّواية غَيرُ هذا؛ ففي أخْذِ المنْع منه نَظَرٌ، قالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

(وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي الذِّمَّةِ؛ كَعَبْدٍ وَدَارٍ)؛ لأِنَّه نَقْلُ ملْكٍ على وَجْهِ القُربة، فلم يَصِحَّ في غَيرِ مُعَيَّنٍ؛ كالهِبَة.

(وَلَا) وَقْفُ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ) العَبْدَينِ؛ لِمَا ذَكَرْنا، وفِيهِ احْتِمالٌ في العتق، فيَخرُج المبْهَمُ منهما بالقُرعة.

(وَلَا وَقْفُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ كَأُمِّ الْوَلَدِ)؛ لأِنَّه نَقْلٌ للملْك فِيها في الحياة،


(١) أخرجه الخلال في الوقوف (١٩٦)، عن سعيد بن مسلمة القرشي، حدثنا إسماعيل بن أمية، عن نافع به. وسعيد ضعيف، بل قال البخاري: (منكر الحديث)، وذكره الخلال أيضًا في الوقوف (ص ٧٢)، عن الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، وقال: (أنكره أبو عبد الله جدًّا، وعجب منه)، يعني الإمام أحمد، وعلته زهير، فإن رواية الشاميين عنه - وهذا منها - ضعيفة وفيها مناكير.
(٢) في (ق): له.
(٣) ينظر: الوقوف والترجل ص ٧١، الهداية ص ٣٣٤.