للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأِنَّه كان يُهْدِي ويُهْدَى إليه، ويُعْطِي ويُعْطَى، ويُفرِّقُ الصَّدَقاتِ، ويَأْمُرُ سُعاتَه بأخْذِها وتفريقها (١)، وكان أصحابُه يَفْعلون ذلك، ولم يُنقَلْ عنهم إيجابٌ ولا قَبولٌ، ولو كان شَرْطًا لَنُقِلَ عنهم نَقْلاً مُتَواتِرًا أوْ مشتهرًا (٢)، وكالبَيع.

وذَكَرَ القاضي، وأبو الخَطَّاب: أنَّها لا تصحُّ إلاَّ بالإيجاب والقَبول، ولا تصحُّ (٣) بدُونِه.

وسَواءٌ وُجِدَ قَبْضٌ أمْ لَا؛ لأِنَّها عَقْدُ تمليكٍ، فافْتَقَر إلى ذلك؛ كالنِّكاح.

وفي «المستوعب» و «المغني»: أنَّها لا تصحُّ إلاَّ بِلَفْظِ الهِبَة، والعَفْو، والتَّمليك.

وفي «الرِّعاية»: في عَفْوٍ وجْهانِ.

وما وَرَدَ في الأخبار دالٌّ على خِلافه.

قال ابنُ عَقِيلٍ: إنَّما يُشتَرَطُ الإيجابُ والقَبولُ مع الإطلاق، وعَدَم العُرْف؛ ولأِنَّه يكتفى بها في المعاوَضات، فالهِبَةُ أَوْلَى، والنِّكاحُ يُشترَطُ فيه الإشْهادُ وغَيرُه، ولا يَقَعُ إلاَّ قليلاً، فلا يَشُقُّ فيه ذلك، بخلاف الهِبَة.

(وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ) بإذْنِ واهِبٍ، بلا شُبهةٍ؛ لِمَا رَوَى مالِكٌ عن عائشةَ: أنَّ أبا بكْرٍ نَحَلَها جَداد عِشرينَ وَسْقًا من مالِه بالعالِيَة، فلمَّا مَرِضَ قال: «يا بُنَيَّةِ؛ كنتُ نَحَلْتُكِ جَداد عشرينَ وَسْقًا، ولو كنتِ حُزْتيه (٤) أو قَبَضْتِيهِ كان لك، فإنَّما هو اليومَ مالُ وارِثٍ، فاقْتَسِموهُ على كتاب الله تعالى» (٥)، ورَوَى ابنُ


(١) في (ح): وتفرقها.
(٢) في (ح): مستمدًا.
(٣) في (ظ): ولا يصحُّ.
(٤) في (ظ): حرثتيه.
(٥) أخرجه مالك (٢/ ٧٥٢)، وعبد الرزاق (١٦٥٠٧)، وابن أبي شيبة (٢٠١٣٥)، وابن سعد في الطبقات (٣/ ١٩٤)، وعبد الله بن أحمد في العلل (٤٨٢٦)، والطحاوي في معاني الآثار (٥٨٤٤)، والطبراني في مسند الشاميين (٣١٠٤)، والبيهقي في الكبرى (١١٩٤٨)، وإسناده صحيح، قال الألباني في الإرواء ٦/ ٦١: (على شرط الشيخين).