للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحَدًا مِنْ وَلَدِه في طعامٍ وغَيرِه (١)، قال إبراهيمُ: (كانوا يَسْتَحِبُّون التَّسْوِيةَ بَينَهم حتَّى في القُبَلِ) (٢)، فدخَلَ فِيهِ: نَظَر وَقْفٍ.

وظاهِرُه: أنَّه لا يَجِبُ التَّعديلُ بَينَ غَيرِهم، بل ذلك مخصوصٌ بالأوْلاد فقطْ، جَزَمَ به المؤلِّفُ في كُتُبِه، وزَعَمَ الحارِثِيُّ أنَّه المذْهَبُ، وأنَّ عَلَيه المتقدِّمين من أصحابنا، قال في «الفروع»: (وهو سَهْوٌ)؛ إذ الأصلُ تصرُّفُ الإنسان في ماله كَيفَ شاء، خَرَجَ منه الأوْلادُ؛ للخبر، مع أنَّه لم يَسألْ بَشِيرًا هل لك وارثٌ غَيرُ وَلَدِك أمْ لَا؟

واخْتار الأكثرُ: أنَّ بقيَّةَ الأقارب كالأولاد، نَصَّ عليه (٣)، وهو المذهبُ؛ لأِنَّ المنْعَ من ذلك كان خَوفَ قطيعةِ الرَّحِم والتَّباغُض، وهو موجودٌ في الأقارِبِ.

والأمُّ كالأب فِيمَا ذَكَرْنا؛ لأِنَّها أَحَدُ الأبَوَينِ، أشْبَهت الأبَ، ولوجود المعنى المقْتَضِي للمَنْع.

(فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ، أَوْ فَضَّلَهُ؛ فَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بِالرُّجُوعِ أَوْ إِعْطَاءِ الآْخَرِ (٤) حَتَّى يَسْتَوُوا)، نَصَّ عَلَيهِ (٥)، وجَزَمَ به الأصْحابُ؛ لِمَا رَوَى النُّعمانُ بنُ بَشِيرٍ، قال: تَصَدَّقَ علَيَّ أبِي ببَعْضِ مالِه، فقالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حتَّى تُشْهِدَ عَلَيهَا رسولَ الله ، فجاء أَبِي إلى رسول الله لِيُشْهِدَه، فقال: «أَكُلَّ وَلَدِكَ أعْطَيتَ مِثْلَه؟» قال: لا، قال: «اتَّقُوا اللهَ واعْدِلُوا بَينَ أوْلادِكم»، قال: فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدقةَ، وفي لَفْظٍ: «فارْدُدْهُ»، وفي


(١) ينظر: الفروع ٧/ ٤١٣.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٠٩٩٥)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (٣٧)، وإسناده صحيح.
(٣) ينظر: الفروع ٧/ ٤١٣.
(٤) في (ح): الأخرى.
(٥) ينظر: مسائل صالح ١/ ٤٣٧، مسائل عبد الله ص ٣١٤، مسائل ابن هانئ ٢/ ٥٤.