للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ عَطِيَّتَهُ مِنَ الثُّلُثِ) مطلَقًا؛ لأِنَّها مَخُوفَةٌ في الجملة، فَوَجَبَ إلْحاقُها به من غَيرِ تفصيلٍ، وهو روايةٌ نَقَلَ حَرْبٌ في وصيَّة المجْذُوم والمفْلُوج: من الثُّلُث (١)، فالمجْدُ أثْبَتَها وجَعَلَها ثابِتَةً، وصاحِبُ «الشَّرح» حَمَلَها على الأوَّل.

وذَكَرَ أبو بكْرٍ وجْهًا آخَرَ: أنَّ عطايا هؤلاء من المال كلِّه.

وقَولُ ابنِ المنَجَّى: إنَّه يَلزَمُ منه التَّناقُضُ على قَولِ أبي بكرٍ؛ لَيسَ بظاهِرٍ، فغَايَتُه أنَّه حَكَى وَجْهَينِ.

(وَمَنْ كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ عِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ)؛ بِأَنِ اخْتَلَطت الطَّائفتانِ للقتال، وكانت كلٌّ منهما مُكافِئَةً للأخرى أوْ مقهورة، ولا فرق (٢) بَينَ كَونِهما مُتَّفِقين في الدِّين؛ لأِنَّ تَوقُّع التَّلَفِ هنا كتَوقُّع المريض أوْ أكثرَ، فَوَجَبَ أنْ يُلْحَقَ به، فأمَّا القاهِرةُ بَعدَ ظُهورِها؛ فَلَيسَ بمَخُوفٍ.

(أَوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ عِنْدَ هَيَجَانِهِ)؛ أيْ: إذا اضْطَرَبَ وهبَّت الرِّيحُ العاصِفُ؛ لأِنَّ الله تعالى وَصَفَهم بشدَّة الخوف في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ الآيةَ [يُونس: ٢٢]، وظاهِرُه: أنَّه إذا رَكِبَه وهو ساكِنٌ؛ فلَيسَ بِمَخُوفٍ.

(أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ)، قال أبُو السَّعاداتِ: هو المرَضُ العامُّ والوَباءُ الذي يَفْسُدُ له الهواء، فتَفْسُدُ به الأمْزِجةُ (٣) والأبْدانُ (٤)، وقال عِياضٌ: هو قُروحٌ تَخرُجُ في المغابِن وغَيرِها، لا يَلبَثُ صاحِبُها، ويُغَمُّ إذا ظَهَرَتْ (٥)، وفي


(١) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ٢٢.
(٢) قوله: (ولا فرق) في (ح): وفرق.
(٣) في (ق): الأمرضة.
(٤) ينظر: النهاية في غريب الحديث ٣/ ١٢٧.
(٥) ينظر: مشارق الأنوار ١/ ٣٢١.