للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأِنَّ هذه الحالَ الظَّاهِرُ منها الموتُ، فكانت عطيَّتُه فيها في حقِّ وَرَثَتِه لا تتجاوز (١) الثُّلُثَ؛ كالوصيَّة.

وعُلِمَ منه: أنَّ هذه العطايا إذا وُجِدتْ في الصِّحَّة؛ فهي من رأس المال، بغير خلافٍ نَعْلَمُه (٢).

تنبيهٌ: حُكمُ العطيَّة في مرض الموت؛ حكمُ الوصيَّة في أشْياءَ:

مِنْها: أنْه (٣) يقف نفوذُها على خُروجها من الثُّلُث، أوْ إجازَةِ الوَرَثَة.

ومِنْها: أنَّها لا تَصِحُّ لِوارِثٍ إلاَّ بإجازَةِ الوَرَثَة.

ومِنْها: أنَّ فَضِيلتَها ناقِصَةٌ عن فضيلةِ الصَّدَقة في الصِّحَّة.

ومِنْها: أنَّها تُزاحِمُ في (٤) الثُّلُث إذا وَقَعَتْ دَفْعةً واحدةً؛ كتَزاحُمِ الوصايا.

ومِنْهَا: أنَّ خُروجَها من الثُّلث يعتبر (٥) حالَ الموت لا قَبْلَه ولا بَعْدَه.

(فَأَمَّا الْأَمْرَاضُ الْمُمْتَدَّةُ؛ كَالسِّلِّ، وَالْجُذَامِ، وَالْفَالِجِ فِي دَوَامِهِ)، وحُمَّى الرِّبْعِ؛ (فَإِنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ)؛ أيْ: لَزِمَ الفِراشَ؛ (فَهِيَ مَخُوفَةٌ)؛ أيْ: عَطِيَّتُه من الثُّلُث؛ لأِنَّه مريضٌ صاحِبُ فِراشٍ يُخْشَى منه التَّلَفُ، أشْبَهَ الحُمَّى المطْبِقةَ، (وَإِلاَّ فَلَا)؛ أيْ: إنْ لم يَصِرْ صاحِبُها صاحِبَ فِراشٍ؛ فلَيسَتْ مَخُوفَةً، وعَطِيَّتُه حِينَئِذٍ مِنْ رأْسِ المال.

قال القاضِي: إذا كان يَذْهَبُ ويَجِيءُ؛ فعطاياه من جميع المال، هذا تحقيقُ المذْهَبِ؛ لأِنَّه لا يُخافُ تعجيلُ الموت منه، وإنْ كان لا يَبرَأُ منه؛ فهو كالهَرَم.


(١) في (ظ): يتجاوز.
(٢) ينظر: المغني ٦/ ١٩٢.
(٣) في (ظ): أن.
(٤) قوله: (في) سقط من (ق).
(٥) في (ظ): تعتبر.