للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَقَالَ الْقَاضِي: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ)، وهو روايةٌ؛ لأِنَّها تفتقر إلى القبول (١)، فإذا ماتَ قَبْلَه؛ بَطَلَتْ؛ كالهِبَة، (عَلَى (٢) قِيَاسِ قَوْلِهِ)؛ أيْ: قَولِ الإمام؛ لأِنَّه خِيارٌ لا يُعتَاضُ عنه، فبَطَلَ؛ كخِيارِ المجْلِس والشَّرطِ والشُّفْعةِ، نَصَّ عليه (٣)، وهذا مِثلُه، وحَكَى في «المغْنِي» و «الشَّرح» البُطْلانَ، عن ابنِ حامِدٍ، وأنَّ القاضِيَ قال: هو قِياسُ المذْهَب.

(وَإِنْ قَبِلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ ثَبَتَ (٤) المِلْكُ) للمُوصَى له (حِينَ الْقَبُولِ فِي الصَّحِيحِ) من المذْهَبِ، أَوْمَأَ إلَيهِ أحمدُ (٥)، وهو قَولُ أهلِ العراق؛ لأِنَّه تمليكُ عَينٍ لِمُعَيَّنٍ، يفتقر (٦) إلى القَبول، فلم يَسْبِقِ الملْكُ القَبولَ؛ كسائر العُقود، والقَبولُ مِنْ تمامِ السَّبَب، والحُكْمُ لا يَتَقدَّمُ سبَبَه ولَا شَرْطَه.

وفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَه أبو الخَطَّاب، وقدَّمه في «الرِّعاية»: أنَّه إذا قَبِلَ تبَيَّنَّا أنَّ الملكَ ثَبَتَ حينَ مَوت الموصِي؛ لأِنَّ ما وَجَبَ انْتِقالُه بالقَبول وَجَب انتِقالُه من جِهَةِ الموجِبِ عند الإيجاب كالهِبة.

واخْتارَ أبو بَكْرٍ: أنَّ الملْكَ يَقِفُ مُرَاعًى.

وعلى الأوَّل: هل هي قَبْلَ القَبول على ملْكِ الميت أو الورثة؟ فيه وجْهانِ، ونَصَّ أحمدُ في مَواضِعَ: أنَّه لا يُعتَبَرُ له القَبولُ، فيَملِكُه قَهْرًا؛ كالميراث (٧)، وحكاه الحُلْوانِيُّ عن الأصْحاب، ولهذا الاِخْتِلاف فوائدُ نبَّه المؤلِّفُ على بعضها.


(١) قوله: (إلى القبول) سقط من (ظ) و (ق).
(٢) في (ق): في.
(٣) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٧٢٥.
(٤) في (ح): يثبت.
(٥) ينظر: الهداية ص ٣٤٥.
(٦) في (ح): المعين يفتقر، وفي (ق): تفتقر.
(٧) ينظر: قواعد ابن رجب ٣/ ٣٧٣.