للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقضيَّةُ عُمَرَ شاهِدةٌ بذلك (١).

ومَحَلُّ الخِلاف فيه: إذا أَوْصَى له بغَيرِ السِّلاح والخَيْل، فإنْ كانَتْ بِشَيءٍ منهما؛ فيتوجَّه أنَّه كبَيعِه منه (٢).

فَرْعٌ: إذا أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ بعَبْدٍ كافِرٍ، فأسْلَمَ قَبْلَ مَوتِ الموصِي؛ بَطَلَتْ، وإنْ أسْلَمَ بَعْدَه قَبْلَ القَبول؛ فوَجْهانِ، وقِيلَ: إنْ مُلِكَتْ بالقَبول؛ بَطَلَتْ، وإنْ مَلَكَه بالموت فلا، وقِيلَ: بَلَى، وهو أَوْلَى.

(وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ)؛ لأنَّ (٣) ملْكَه غَيرُ مُسْتَقِرٍّ، ولا يَرِثُ ولا يُورَثُ، فهو كالميت، ولأِنَّ ملْكَه يَزُولُ عن ماله بِرِدَّته في قَولِ أبي بَكْرٍ وجماعةٍ، فلا يَثْبُتُ الملْكُ له بالوصَيَّة.

وقال ابنُ حَمْدانَ: إنْ بَقِيَ ملْكُه؛ صحَّ الإِيصاءُ له؛ كالهِبَة له مُطْلَقًا، وإنْ زال ملْكُه في الحال؛ فلا، وإنْ وُقِفَ أمْرُ مالِه على إسْلامِه، فأَسْلَمَ؛ احْتَمَلَ وَجْهَينِ.

ولو عَبَّرَ بقَولِه: (في الأصحِّ فِيهِما) لكان أَوْلَى؛ إذْ الخِلافُ فِيهِما مَعًا.

تنبيهٌ: يُعتَبَرُ تَعْيينُ الموصَى له، فلو قال: ثُلُثِي لأِحَدِ هذَينِ، أوْ لِجارِه، أوْ قرابة (٤) محمَّدٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ؛ لم يَصِحَّ.

وعَنْهُ: بَلَى، كقَولِه: أعْطُوا ثُلُثِي أحدَهُما، في الأصحِّ، فَقِيلَ: يُعيِّنُه الوارِثُ، وقِيلَ: بِقُرْعَةٍ.

وجَزَمَ ابنُ رَزِينٍ بصِحَّتها بِمَجْهولٍ ومَعْدومٍ.


(١) مراده كما ذكره في الشرح الكبير ١٧/ ٢٨٠: ما أخرجه البخاري (٢٦١٩)، ومسلم (٢٠٦٨)، أن عمر أرسل إلى أخٍ له من أهل مكة قبل أن يسلم بحُلَّةٍ أعطاه إياها النبي .
(٢) قوله: (ومحل الخلاف فيه إذا أوصى … ) إلى هنا سقط من (ح).
(٣) في (ظ): لأنه.
(٤) في (ح): قرابته.