للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقِيلَ: يَصِحُّ (١) كما يَصِحُّ بما تَحمِلُ هذه الجارِيَةُ، وكما لو وَقَفَ على مَنْ يَحدُثُ من وَلَده، أوْ وَلَدِ وَلَدِه.

ورُدَّ: بالفَرْق بَينَهما؛ لأِنَّها تَجْرِي مَجْرَى الميراث، ولا تَحصُلُ (٢) إلاَّ لموجُودٍ، والوَقْفُ يُرادُ للدَّوام، ومِنْ ضَرورَتهِ إثْباتُه للمَعْدومِ.

(وَإِنْ (٣) قَتَلَ الْمُوصَى (٤) الْمُوصِيَ) ولو خَطَأً؛ (بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ)، قالَهُ الثَّورِيُّ، واخْتارَهُ أبو بَكْرٍ، ونَصَّ عَلَيهِ في المدبَّر (٥)؛ لأِنَّ القَتْلَ يَمْنَعُ الميراثَ الَّذي هو آكَدُ منها، فالوصيَّةُ أَوْلَى، ولأِنَّه عُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِه.

وقال ابنُ حامِدٍ: تَجوزُ الوصيَّةُ له، واحْتَجَّ بقَولِ أحمدَ: مَنْ جَرَحَ رجلاً خَطَأً، فعَفَا المجْروحُ، فقال: يُعْتَبَرُ من ثُلُثِه، وهذه وصيَّةٌ لِقاتِلٍ (٦)؛ لأِنَّ الهِبَةَ له تَصِحُّ، فكذا الوصيَّة.

(وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ، فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ؛ لَمْ تَبْطُلْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ)؛ لأِنَّها بَعْدَ الجُرْح صَدَرَتْ من (٧) أهْلِها في مَحَلِّها، لم يَطْرَأْ عَلَيها ما يُبْطِلُها، بخِلافِ ما إذا تَقَدَّمَتْ، فإنَّ القَتْلَ طرأ (٨) عَلَيها فأبْطَلَها، فيَبْطُلُ ما هو آكَدُ منها، وبهذا (٩) جَمَعَ أبو الخَطَّاب بَينَ نَصَّيِ (١٠) الإمام (١١).


(١) في (ق): تصح.
(٢) في (ظ): ولا يحصل.
(٣) في (ظ): ولو.
(٤) في (ظ) و (ق): الوصي.
(٥) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٦٣٦، الروايتين والوجهين ٣/ ١٢٠.
(٦) ينظر: المغني ٦/ ٢٢٤.
(٧) في (ح): في.
(٨) في (ح): طوي.
(٩) في (ظ): ولهذا.
(١٠) في (ح): تعين، وفي (ق): نص.
(١١) كتب في هامش (ظ): (في الموضعين).