للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ):

إحْداهُما: لا تَصِحُّ، سواءٌ وصَّى له ثُمَّ قَتَلَه، أوْ جَرَحَه جُرْحًا صالِحًا للزُّهُوق ثُمَّ وَصَّى له؛ لأِنَّه قاتِلٌ، فَبَطَلَتْ؛ كالميراث.

والثَّانية: بلى؛ لأِنَّها تمليكٌ بعَقْدٍ فَضَاهَت الهبة (١).

والأَوْلَى ما ذَكَرَه المؤلِّفُ، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وقدَّمه في «المحرَّر» و «الفروع» (٢).

(وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ)؛ كالفقراء، (أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ؛ صَحَّ)؛ لأِنَّهم من أبْوابِ البِرِّ، ولأِنَّهم يَمْلِكُون، بدليلِ الزَّكاة والوَقْف.

(وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الذِي يُعْطَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ)؛ لأِنَّ المطْلَقَ في كَلامِ الآدَمِيِّينَ يُحمَلُ على المقيَّد في كلامِ الله تعالى.

قال في «المغْنِي»: (ويَنبَغِي أنْ يُجْعَلَ لكلِّ صِنْفٍ حَيثُ أَوْصَى لِجَميعِهم ثُمُنُ الوصيَّة، كما لو أَوْصَى لِثَمانِ قبائلَ، والفَرْقُ بَينَهما حَيثُ يَجوزُ الاِقْتِصارُ على صِنْفٍ واحِدٍ: أنَّ آية الزَّكاة أُرِيدَ بها مَنْ يَجوزُ الدَّفْعُ إلَيهِ، والوصيَّةُ أُرِيدَ بها بَيانُ مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيهِ) انْتَهى.

ويَجوزُ الاِقْتِصارُ مِنْ كلِّ صِنْفٍ على واحِدٍ في ظاهِرِ المذهب.

وعَنْهُ: يُتَقَيَّدُ بثلاثةٍ من كلِّ صِنْفٍ، ولا يُصرَفُ إلاَّ إلى المسْتَحِقِّ من أهل بَلَدِه.

فَرْعٌ: إذا أوْصَى بشَيءٍ لِزَيدٍ، وبِشَيءٍ للفقراء ولجيرانه، وزَيدٌ منهم؛ لم يُشارِكْهم، نَصَّ عَلَيهِما (٣)، ولو وصَّى لقَرابته بشَيءٍ، وللفقراء كذلك؛ فلِقَريبٍ فقيرٍ سَهْمانِ، ذَكَره أبو المعالِي.


(١) قوله: (لأنها تمليك بعقد فضاهت الهبة) في (ح): كالهبة.
(٢) في (ح): في «الفروع».
(٣) ينظر: المحرر ١/ ٣٨٤.