للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَإِنْ أَبَى (١) الْحَجَّ، وَقَالَ: اصْرِفُوا إِلَيَّ (٢) الْفَضْلَ؛ لَمْ يُعْطَهُ)؛ لأِنَّه إنَّما وَصَّى له بالزِّيادة بشَرْطِ الحجِّ، ولم يُوجَدْ، (وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ)، حَكاهُ في «الفروع» قَولاً؛ لأِنَّ الموصَى له لم يَقْبَلْها بامْتِناعه من فِعْلِها، أشْبَهَ ما لو أوْصَى له بمالٍ فردَّه.

وقِيلَ: (في حقِّه)، وقد زاده بعضُ مَنْ أَذِنَ له المؤلِّف في الإصلاح؛ لأِنَّ الوصيَّةَ فيها حقٌّ للحَجِّ، وحقٌّ للمُوصَى له، فإذا ردَّه؛ بَطَلَ في حَقِّه دُونَ غَيرِه، كقَولِه: بِيعُوا عَبْدِي لِفُلانٍ، وتصدَّقُوا بِثَمَنِه، فلم يَقْبَلْه، وكما لَوْ لَمْ يَقْدِر الموصَى له بفرَسٍ في السَّبيل على الخُروجِ، نَقَلَه أبو طالِبٍ (٣)، ويُحَجُّ عنه بأقلِّ ما يُمكِنُ من نَفَقَةٍ أوْ أُجْرَةٍ، والبقيَّةُ إرْثٌ؛ كالفَرْض.

فَرْعٌ: إذا قال: حُجُّوا عنِّي حجَّةً، ولم يَذكُرْ قَدْرًا من المال؛ فإنَّه لا يُدفَعُ إلى مَنْ يَحُجُّ إلاَّ قَدْرَ نَفَقَةِ المِثْل، والباقِي للورثة.

قال في «الشَّرح»: (وهذا يَنْبَنِي على أنَّه لا يَجوزُ الاِسْتِئْجارُ عليه، فإنْ قُلْنَا بجَوازه؛ فلا يُسْتَأْجَرُ إلاَّ ثقة (٤) بأقلِّ ما يُمكِنُ، وما فَضَلَ فهو للأجير؛ لأِنَّه مَلَكَ ما أُعْطِيَ بعَقْد الإجارة، وإنْ تَلِفَ المالُ في الطَّريق؛ فهو من ماله، ويَلزَمُه إتْمامُ العمل).

فلو وَصَّى بثَلاثِ حِجَجٍ إلى ثلاثةِ نَفَرٍ؛ صحَّ صَرْفُها في عامٍ واحِدٍ، جَزَمَ به في «الوجيز»، وفي «الرِّعاية» عَكْسُه.

تنبيهٌ: إذا أوْصَى أنْ يُحَجَّ عنه بالنَّفقة؛ صحَّ.

واختار أبو محمَّدٍ الجَوزِيُّ: إنْ وَصَّى بألْفٍ يُحَجُّ بها؛ صُرِفَ في كلِّ


(١) في (ح): فأبى.
(٢) في (ظ): لي.
(٣) ينظر: الوقوف والترجل ص ١٠٩.
(٤) في (ح): نفسه.