للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عَلِمَ مِنْ مَالِهِ) اتِّفاقًا، (وَمَا لَمْ يَعْلَمْ)؛ أيْ: تُنفَّذُ وصيَّتُه في ثُلُث الموجود، وإنْ جَهِلَه.

وعَنْهُ: إنْ عَلِمَ به (١)، وحُكِيَ ذلك عن أبَانَ بنِ عُثْمانَ، وعُمَرَ بنِ عبد العزيز، وربيعةَ، إلاَّ في المدبَّر، فإنَّه يَدخُلُ في كلِّ شَيءٍ.

والأوَّلُ أشْهَرُ؛ لأِنَّ الوصيَّةَ بجزءٍ من ماله لَفْظٌ عامٌّ، فيَدخُل فيه ما لا (٢) يَعلَمُ به من ماله، كما لو نَذَرَ الصَّدقةَ بثُلثه.

(وَإِذَا أَوْصَى (٣) بِثُلُثِهِ، فَاسْتَحْدَثَ مَالاً) قَبلَ مَوته؛ (دَخَلَ ثُلُثُهُ فِي الْوَصِيَّةِ)، في قَول أكثرِ العلماء، ولا فَرْق عِندَهم بَينَ التِّلاد والمسْتَفاد؛ لأِنَّ الحادِثَ من ماله يَرِثُه وَرَثَتُه، وتُقْضَى منه ديونُه، أشْبَهَ ما لو مَلَكَه قَبلَ الوصيَّة.

وعنه: يَعُمُّ المتجدِّدَ مع عِلْمه به، أوْ قَولِه: بثُلُثِي يَومَ أموتُ.

(وَإِنْ قُتِلَ) عَمْدًا أو خَطَأً، (وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ؛ فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

إحداهما، وهي المذهَبُ، وجَزَم بها في «الوجيز»، وقدَّمها في «الفروع»: تَدخُلُ ديتُه مطلَقًا؛ لأِنَّها تَجِبُ للميت بَدَلَ نفسه، ونفسُه له، فكذا بَدَلُها، قال أحمدُ: (قَضَى النَّبيُّ أنَّ الدِّيَةَ مِيراثٌ) (٤)،


(١) في (ق): ربه.
(٢) في (ق): لم.
(٣) زيد في (ق): له.
(٤) ينظر: الفروع ٧/ ٤٧٢، والحديث أخرجه أحمد (٧٠٩١)، وأبو داود (٤٥٦٤)، والنسائي (٤٨٠١)، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وإسناده لا بأس به، فيه سليمان بن موسى الأشدق وهو صدوق فقيه في حديثه بعض اللين، ويرويه عن محمد بن راشد المكحولي وهو صدوق يهم، وأخرجه عبد الرزاق (١٧٧٧٤) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب. وهذا معضل.
ويشهد له ما أخرجه البخاري (٦٧٤٠)، ومسلم (١٦٨١): عن أبي هريرة، قال: «قضى رسول الله في جنين امرأة من بني لِحْيانَ سقط ميتًا بغرة، عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى لها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها».