للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع عِلْمِه بحاله، وأوْصَى إلَيهِ راضِيًا بتصرُّفه مع فِسْقِه، فيُشعِر ذلك بأنَّه عَلِمَ أنَّ عِنْدَه من الشَّفَقة على اليَتِيمِ ما يَمنَعُه من التَّفريط فيه وخيانتِه في ماله، بخِلافِ ما إذا طَرَأَ فِسْقُه، فإنَّه لم يَرْضَ به على تلك الحال، والاِعْتِبارُ بِرِضاهُ).

(وَيَصِحُّ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي)؛ لأِنَّه إذْنٌ في التَّصرُّف، فصَحَّ قَبولُه بَعْدَ العَقْد كالوكالة، بخِلافِ الوصيَّة له، فإنَّها تمليكٌ في وَقْتٍ، فلم يَصِحَّ القَبولُ قَبْلَ الوقْت، (وَبَعْدَ مَوْتِهِ)؛ لأِنَّها نَوعُ وصيَّةٍ، فَصَحَّ قَبولُها كالوصيَّة، ومَتَى قَبِلَ صار وصِيًّا.

فَرْعٌ: يَجوزُ أنْ يَجعَلَ للوصِيِّ جُعْلاً؛ كالوكالة، ومُقاسَمَةُ الوصِيِّ الموصَى له جائزةٌ على الوَرَثَة؛ لأِنَّه نائبٌ عَنْهُم، فمُقاسَمَتُه (١) للوَرَثَة على الموصَى له غَيرُ جائزةٍ؛ لأِنَّه لَيسَ بنائبٍ عنه (٢).

(وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ)؛ لأِنَّه مُتصرِّفٌ بالإذن كالوكيل، وظاهِرُه: مع القُدْرة وحياة (٣) الموصِي، وضِدِّهما (٤).

(وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ)، ذَكَرَها ابنُ أبي مُوسَى، وقاله أبو حنيفةَ، وزاد (٥): لا يَجوزُ في حياته إلاَّ بحضرَتِه (٦)؛ لأِنَّه غرَّه (٧) بالْتِزامِ وصيَّتِه، ومَنَعَه بذلك الإيصاءَ إلى غَيرِه.

ونَقَلَ الأثْرَمُ وحَنبَلٌ: له عَزْلُ نَفْسِه إنْ وَجَدَ حاكِمًا (٨)، قدَّمه في «المحرَّر».


(١) كذا في النسخ الخطية، وفي الشرح الكبير ١٧/ ٤٨٣: ومقاسمته
(٢) في (ح): عنه، وفي (ق): عنهم.
(٣) في (ح): حياة.
(٤) في (ح): وضدها.
(٥) زيد في (ح): وعنه.
(٦) ينظر: تحفة الفقهاء ٣/ ٢١٨، الدر المختار ٥/ ٤٨٤.
(٧) في (ح): غيره.
(٨) ينظر: الفروع ٧/ ٤٩١.