للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعصِّبُ أخْتَه، فلم يُسقِطْهُ الجَدُّ كالاِبْنِ، ولاِسْتِوائِهِما في سَببِ الاِسْتِحْقاق؛ لأِنَّ كلًّا مِنهُما يُدْلِي بالأب؛ الجدُّ بالأُبُوَّة، والأخُ بالبُنُوَّة، وقَرابةُ البُنُوَّة لا تَنقُص عن قَرابة الأُبُوَّة، بَلْ ربَّما كانَتْ أقْوَى منها، فإنَّ الاِبنَ يُسقِطُ تعصيب الأب، ولذلك مثَّله عليٌّ : «بشَجَرةٍ أنْبَتَتْ (١) غُصْنًا، فانْفرَقَ منه غُصْنانِ، كلٌّ منهما أقربُ منه إلى أصْلِ الشَّجرة» (٢)، ومثَّله زَيدٌ : «بِوادٍ خَرَجَ منه نَهْرٌ، انْفَرَقَ (٣) منه جُزءٌ (٤)» (٥)، ولأِنَّ كُلًّا منهما إلى الآخَر أقربُ منه إلى الوادي.

(إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ، فَيَأْخُذُهُ، وَالْبَاقِي لَهُمْ)، للذَّكَر مِثْلُ حظِّ الأنثَيَينِ، وقد يَسْتَوِي الأمْرانِ، والضَّابِطُ: أنَّ الإخْوةَ والأخَواتِ إنْ كانوا مِثْلَيهِ؛ فالمقاسَمةُ والثُّلثُ سِيَّانِ، وذلك في مسائلَ: جَدٌّ وأَخَوانِ، جَدٌّ وأخٌ وأُخْتانِ، جَدٌّ وأرْبعُ أخَواتٍ.

وإنْ كانُوا دُونَ مِثْلَيهِ، فالمقاسَمَةُ خَيرٌ له، وذلك في مسائلَ: جَدٌّ وأخٌ، جَدٌّ وأُخْتانِ، جَدٌّ وأخٌ وأُخْتٌ، جَدٌّ وثَلاثُ أخَواتٍ، جَدٌّ وأُخْتٌ.

وإنْ كانُوا فَوقَ المِثْلَينِ، فالثُّلثُ خَيرٌ له، وَوَجْهُه: بأنَّ الجَدَّ والأُمَّ إذا اجْتَمَعا؛ أخَذَ الجَدُّ مِثْلَيْ ما تأخُذُ الأُمُّ؛ لأِنَّها لا تأخُذُ إلاَّ الثُّلثَ، والإخْوةُ لا


(١) في (ق): نبتت.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٩٠٥٨)، والبيهقي في الكبرى (١٢٤٣٠)، عن عيسى الحناط، عن الشعبي مرسلاً. وعيسى متروك.
(٣) في (ق): أيفرق.
(٤) في (ق): جد.
(٥) أخرجه الدارقطني (٤١٤٠)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (١٢٤٢٨)، وابن حجر في التغليق (٥/ ٢١٦)، عن سليمان بن زيد بن ثابت، عن أبيه في أثر طويل، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (١٣٠٢)، مختصرًا. وسليمان بن زيد بن ثابت، قال عنه في التقريب: (مقبول).