للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعُلِمَ منه: أنَّهنَّ لا يُزَدْنَ على السُّدس فَرْضًا؛ لِمَا رَوَى سعيدٌ: ثَنَا هُشَيمٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن القاسِمِ بنِ محمَّدٍ، قال: «جاءت الجَدَّةُ إلى أبي بكرٍ، فأعْطَى أمَّ الأمِّ دُونَ الأب، فقال له عبدُ الرَّحْمنِ بنُ سَهْلٍ - وكان شَهِدَ بَدْرًا - يا خليفةَ رسولِ الله أعْطَيتَ التي إنْ ماتَتْ لم يَرِثْها (١)، ومَنَعْتَ التي لو ماتَتْ وَرِثَها! فَجَعَلَ أبو بكرٍ السُّدسَ بَينَهما» (٢)، وهذا إجماعٌ (٣).

وشَرْطُه: (إِذَا تَحَاذَيْنَ)؛ لأِنَّه إذا كان بَعضُهنَّ أقْرَبَ كان الميراثُ لها، ولا خَلافَ في تَورِيثِ جَدَّتَينِ: أمِّ الأمِّ، وأمِّ الأب، وكذا إنْ عَلَتَا، وكانَتَا في القُرْب سَواءً، كأمِّ أمِّ أمٍّ، وأُمِّ أمِّ أبٍ (٤).

(فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ؛ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ)، سَواءٌ كانا من جِهَةٍ واحدةٍ، فهو للقُرْبَى إجْماعًا (٥)، وكذا إنْ كانا مِنْ جِهَتَينِ، والقُرْبَى من جِهَةِ الأمِّ؛ فبالاِتِّفاق أنَّ الميراثَ لها دُونَ البُعْدَى (٦)؛ إذِ الأقْرَبُ يَحجُبُ الأبْعَدَ؛ كالآباء والأبْناء.

وظاهِرُه: أنَّ القُرْبَى من جِهَةِ الأب تَحجُبُ البُعْدَى من جِهةِ الأمِّ، وهو أشْهَرُ الرِّوايَتَينِ، ونَصَرَه في «المغْنِي» و «الشَّرح» وغَيرهما، وهو قَولُ أهلِ العراق.


(١) في (ق): لم ترثها.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور (٨١)، وعبد الرزاق (١٩٠٨٤)، والدارقطني (٤١٣٣)، والبيهقي في الكبرى (١٢٣٤٣)، عن ابن عيينة به، وأخرجه مالك (٢/ ٥١٣)، والبيهقي في الكبرى (١٢٣٤٢)، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد به. رجاله ثقات إلا أنه منقطع، قال ابن كثير: (وإن كان منقطعًا، لكنه جيد). ينظر: تحفة الطالب ص ٣٧٢، الإرواء ٦/ ١٢٦.
(٣) ينظر: الإجماع ص ٧٣.
(٤) ينظر: المغني ٦/ ٣٤٠.
(٥) ينظر: الإجماع ص ٧٣.
(٦) ينظر: تبيين الحقائق ٦/ ٢٢٣، الذخيرة ١٣/ ٤٣، المهذب ٢/ ٤١٠، المغني ٦/ ٣٠٢.