للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَصَّ عليه في روايةِ ابنِ الحَكَم (١)، وقالَهُ جُمْهورُ الفقهاء من الصَّحابة ومَن بَعدَهم (٢)؛ لأِنَّ مُقْتَضَى الدَّليل مَنْعُه مطلَقًا، خَرَجَ منه ما سَبَقَ، فيَبْقَى ما عَداهُ على مُقْتَضاهُ.

وعَنْهُ: يَرِثُ، ذَكَرَها ابنُ أبي موسى؛ كمَن أسْلَم، وقاله ابنُ مَسْعودٍ (٣)، ومَكحولٌ، وقَتادةُ.

والأوَّلُ أصحُّ، قال ابنُ حَمْدانَ: والمذْهَبُ تَورِيثُ مَنْ أسْلَمَ لا مَنْ عَتَقَ، والفَرْقُ: أنَّ الإسْلامَ أعْظَمُ الطَّاعات والقُرَبِ وَرَدَ الشَّرعُ بالتَّأليف عليه، فَوَرَدَ الشَّرْعُ بتَورِيثه؛ تَرْغِيبًا له في الإسلام، والعِتْق لا صُنْعَ له فيه، ولا يُحْمَدُ عليه، فلم يَصِحَّ قَياسُه عليه، ولَولا ما وَرَدَ مِنْ الأثر في تَورِيثِ مَنْ أسْلَمَ؛ لَكانَ النَّظَرُ أنْ لا يَرِثَ مَنْ لم يَكُنْ من أهْلِ الميراث حِينَ الموت.

فَرْعٌ: لو مَلَكَ ابنَ عمِّه، فدَبَّره؛ يَعْتِق بمَوته ولم يَرِثْه؛ لأِنَّه رقيقٌ حِينَ الموت.

وإنْ قال: أنت حُرٌّ في آخِرِ حَياتِي عَتَقَ وَوَرِثَ في الأصحِّ؛ كحُرِّيَّته حِينَ الموت.

(وَيَرِثُ أَهْلُ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِنِ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ)، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا (٤)؛ لأِنَّ المانِعَ من الإرث اخْتِلافُ الدِّين، وهو مُنْتَفٍ، لكِنْ لا فَرْقَ بَينَ أهلِ الذِّمَّة وغَيرِهم من الكُفَّار في ذلك؛ لِمَفْهومِ حديثِ أُسامةَ (٥).


(١) ينظر: زاد المسافر ٤/ ١٢٣، الروايتين والوجهين ٢/ ٦٥.
(٢) تقدم ذكر قول علي وزيد وابن مسعود في أن المملوكين لا يرثون ٧/ ٦٣ حاشية (٣).
(٣) تقدم تخريجه ٧/ ٢٢٤ حاشية (٤).
(٤) ينظر: الإقناع في مسائل الإجماع ٢/ ١٠٨.
(٥) وهو قوله: «لا يَرِثُ المسْلِمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المسْلِمَ»، تقدم تخريجه ٧/ ١٨٢ حاشية (٢).