للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَهُمْ ثَلَاثُ مِلَلٍ)، هذا رِوايةٌ: (الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ)؛ لأنَّ كُلًّا منهما له كِتابٌ وأحْكامٌ وشَرائِعُ غَيرُ الأخْرى، (وَدِينُ سَائِرِهِمْ)؛ أيْ: باقِيهِم؛ كالمجوس وعَبَدةِ الأوْثان، فإنَّهم مِلَّةٌ واحِدةٌ؛ لأِنَّه يَشمَلُهم بأنَّه لا كِتابَ لهم، وهذا قَولُ شُرَيحٍ وعَطاءٍ وجَمْعٍ، واخْتارَه القاضِي وعامَّةُ الأصحاب، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لِمَا رَوَى عَبدُ الله بنُ عُمَرَ (١): أنَّ النَّبيَّ قال: «لا يَتوارَثُ أهْلُ مِلَّتَينِ شَتَّى» رواه أبو داودَ (٢)، ولأِنَّ الموالاةَ مُنقَطِعةٌ بَينَهم، أشْبَهَ اخْتِلافَهم بالكفر والإسلام.

وعَنْهُ: الكُفْرُ مِلَلٌ مُختلِفَةٌ، اخْتارَه أبو بَكْرٍ والشَّريفُ وأبو الخَطَّاب في «خِلافَيهِما» (٣)، وقدَّمه في «الفروع»، وهو (٤) قَولُ كثيرٍ من العلماء؛ لأِنَّ الخَبَرَ المذكورَ يَنفِي تَوارُثَهم، ولم نَسمَعْ عن أحمدَ تصريحًا بذِكْرِ انْقِسامِ الملْك، فَعَلَى هذا: لا توارُثَ بَينَها، قال في «المغْنِي» و «الشَّرح»: يَحتمِلُ أنْ تَكونَ مِلَلاً كثيرةً، فتكونَ المجوسيَّةُ مِلَّةً، وعَبدةُ الأوثان مِلَّةً، وعُبَّادُ الشَّمس مِلَّةً، قال في «المغْنِي»: وهو أصحُّ؛ لأِنَّ كلَّ فَريقَينِ منهم لا مُوالاةَ بَينَهم ولا اتِّفاقَ


(١) كذا في النسخ الخطية، وتبع المصنف ما في الشرح الكبير ١٨/ ٢٧٥، وصوابه: عبد الله بن عمرو .
(٢) أخرجه أحمد (٦٦٦٤)، وأبو داود (٢٩١١)، والنسائي في الكبرى (٦٣٥٠)، وابن الجارود (٩٦٧)، والدارقطني (٤٠٧٤)، من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا، قال ابن عبد البر عن إسناد أبي داود: (إسناد صحيح لا مطعن فيه)، وكذا قال ابن حجر، وحسنه الألباني.
وأخرجه ابن حبان (٥٩٩٦)، من حديث ابن عمر في خطبة يوم فتح مكة، وأخرجه النسائي (٦٣٤٨)، والحاكم (٢٩٤٤)، بهذا اللفظ لكن من حديث أسامة بن زيد ، قال الدارقطني: (هذا اللفظ في حديث أسامة غير محفوظ). ينظر: الفتح ١٢/ ٥١، التلخيص الحبير ٣/ ١٩٠، الإرواء ٦/ ١٢١.
(٣) في (ق): خلافهما.
(٤) في (ق): وهذا.