للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دِينٍ، وقَولُ مَنْ حَصَرَ المِلَّةَ بِعدَمِ الكتاب لا يَصِحُّ؛ لأِنَّه وَصْفٌ عَدَمِيٌّ لا يَقْتَضِي حُكْمًا.

وعَنْهُ: مِلَّةٌ واحدةٌ، نَقَلَها حَرْبٌ (١)، فَعَلَيها: يَتوارَثُونَ، اخْتارَها (٢) الخَلاَّلُ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفَال: ٧٣]، عامٌّ في جميعهم، فالصابِئةُ قِيلَ: كاليهود، وقيلَ: كالنَّصارَى.

(وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ؛ لَمْ يَتَوَارَثَا)، هذا هو المذْهَبُ؛ لخَبَرِ ابنِ عمرَ.

(وَعَنْهُ: يَتَوَارَثُونَ)، قدَّمه في «الكافي» و «المحرَّر»؛ لمَفْهومِ حديثِ أُسامةَ، قال في «الشَّرح»: وهذا يَجيءُ على قَولِنا: إنَّ الكفرَ مِلَّةٌ واحدةٌ.

(وَلَا يَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا، وَلَا حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي)، وقالَهُ أكثرُ أصحابنا، وذَكَرَه أبو الخَطَّاب في «التَّهذيب» اتِّفاقًا؛ لاِنْقِطاعِ الموالاةِ بَينَهُما.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَتَوَارَثَا)، نَصَّ عليه في روايةِ يعقوبَ (٣)، وقاله القاضي في «تعليقه»، قال في «الاِنْتِصار»: وهو الأقْوَى في المذهب؛ عَمَلاً بظاهِرِ الخَبَرِ، ولأِنَّهم أهلُ مِلَّةٍ واحدةٍ، وإنَّما اخْتَلَفَت الدَّارُ.

قال في «المغْنِي»: قِياسُ المذْهَبِ عِنْدِي: أنَّ المِلَّةَ الواحدةَ يَتَوارَثُونَ وإن اخْتَلَفَتْ دِيارُهم؛ لأِنَّ العُموماتِ من (٤) النُّصوص تَقْتَضِي تَورِيثَهم، ولم يَرِدْ بتَخْصيصهم نَصٌّ ولا إجْماعٌ، ولا يَصِحُّ فيهم قِياسٌ، فيَجِبُ العَمَلُ بِعُمومِها، ولأِنَّ مُقْتَضَى التَّورِيثِ مَوجُودٌ، فيُعمَلُ به، ما لم يَقُمْ دليلٌ على تحقُّقِ المانِعِ.

مسألةٌ: يَتوارَثُ حَرْبِيٌّ ومُسْتَأْمِنٌ، وذِمِّيٌّ وَمسْتَأْمِنٌ، وفي «المنتخب»: يَرِثُ مُسْتَأْمِنًا وَرَثَتُه بدارِ حَرْبٍ؛ لأِنَّه حَرْبِيٌّ، وفي «التَّرغيب»: هو في حُكْمِ ذِمِّيٍّ،


(١) ينظر: المغني ٦/ ٣٦٨.
(٢) في (ق): اختاره.
(٣) ينظر: الفروع ٨/ ٦٤.
(٤) في (ق): في.