للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(ثُمَّ يَرِثُ بِهِ عَصَبَاتُهُ)، سَواءٌ كان ابْنًا، أوْ أخًا، أوْ أبًا، أوْ غَيرَه من العَصَبات، ولا فَرْقَ بَينَ كَونِ المعتِق ذَكَرًا أوْ أُنْثَى، (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ)؛ لمَا رَوَى أحمدُ، عن سعيد بنِ المسيّب مرفوعًا أنَّه قال: «الموْلَى أخٌ في الدِّين، ومَولَى نعمةٍ يَرِثُه أوْلَى النَّاس بالمعتِق» (١)، ولأِنَّه حقٌّ من حقوقه، فَوَجَبَ أنْ يَرِثَ به أقربُ عَصَباتِه؛ كالنَّسب، فإنْ لم يَكُنْ له عَصَبَةٌ؛ فلِمَولاهُ.

(وَعَنْهُ فِي المُكَاتَبِ إِذَا أَدَّى إِلَى الْوَرَثَةِ: أنَّ (٢) وَلَاءَهُ لَهُمْ)؛ لأِنَّه انتقل إلَيهِم، أشْبَهَ ما لو اشْتَرَوهُ، (وَإِنْ أَدَّى إِلَيْهِمَا؛ فَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا)؛ أيْ: بَينَ السَّيِّد والوَرَثةِ؛ لأِنَّ العِتْقَ يَتْبَعُ الأداءَ.

وفي «التَّبصرة» وَجْهٌ: أنَّه للورثة.

وفي «المبهج»: إنْ أعْتَقَ كلُّ الورثة المكاتَبَ؛ نَفَذَ، والوَلاءُ للرِّجال، وفي النِّساء روايتانِ.

(وَمَنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ حُرَّ الْأَصْلِ، وَلَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ؛ فَلَا وَلَاءَ عَلَيهِ)؛ أيْ: إذا كان أحدُ الزَّوجَينِ حرَّ الأصل؛ فلا وَلاءَ على ولدهما، سَواءٌ كان الآخَرُ عربِيًّا أوْ مَوْلًى؛ لأِنَّ الأمَّ إنْ كانَتْ حرَّةَ الأصل؛ فالولدُ يَتبَعُها فيما إذا كان الأبُ رقِيقًا في انْتِفاء الرِّقِّ والوَلاءِ؛ فَلَأنْ يَتْبَعَها في نَفْيِ الوَلاء أَوْلَى، وإنْ كان الأبُ حرَّ الأصل؛ فالوَلَدُ يَتْبَعُه فيما إذا كان عليه ولاءٌ، بحَيثُ يَصِيرُ الوَلاء عَلَيه لمَولَى أبِيهِ؛ فَلَأَنْ يَتْبَعَه في سقوط الولاء عنه أَوْلَى.

وعلى هذا: لا فَرْقَ بَينَ أنْ يكونَ مسلِمًا أوْ ذِمِّيًّا، معلومَ النَّسب أوْ


(١) أخرجه سعيد بن منصور (٢٧٢)، والدارمي (٣٠٤٩)، والبيهقي في الكبرى (٢١٥٠١)، من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: قال رسول الله : «المولى أخ في الدين ونعمة، وأولى الناس بميراثه أقربهم من المعتق» وإسناده صحيح إلى الزهري، قال الألباني: (وعلته الإرسال أو الإعضال، فإن الزهري تابعي صغير، غالب رواياته عن التابعين)، ولم نقف عليه عند أحمد في مظانه ولا من رواية سعيد. ينظر: الإرواء ٦/ ١٦٤.
(٢) في (ظ): لأن.