للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلٌ: اعْلَمْ أنَّه لا يَنْجَرُّ الوَلاءُ إلاَّ بِشُروطٍ ثلاثةٍ:

أحدها: أنْ يكونَ الأبُ عبدًا حِينَ الولادة، فإنْ كان حُرًّا، وزَوجتُه مَولاةً، فإنْ كان حرَّ الأصل؛ فلا وَلاءَ على وَلَدِه بحالٍ، وإنْ كان مَولًى؛ ثَبَتَ الوَلاءُ على وَلَدِه لِمَوالِيهِ أبدًا، ولا جَرَّ فيه.

الثَّاني: أنْ تكونَ الأمُّ مَولاةً، فإنْ لم تكن (١) كذلك، فإنْ كانَتْ حُرَّةَ الأصل؛ فلا ولاءَ على وَلَدِها بحالٍ، وهم أحرارٌ بحُرِّيَّتها، وإنْ كانَتْ أَمَةً؛ فَوَلَدُها رقيقٌ لِسيِّدها، فإنْ أعْتَقَهم؛ فَولاؤهم له مُطلَقًا، لا يَنجَرُّ عنه بحالٍ.

الثَّالِثُ: أنْ يُعتِقَ العبدَ سيِّدُه، فإنْ مات على الرِّقِّ؛ لم يَنجَرَّ الوَلاءُ بحالٍ.

فإن اخْتَلَف سيِّدُ العبد ومَوْلَى الأمِّ في العبد بَعْدَ مَوتِه، فقال سيِّدُه: مات حُرًّا بَعْدَ جَرِّ الوَلاء، وأنكر ذلك مَولَى الأمِّ، قُبِلَ قَولُه؛ لأِنَّ الأصلَ بقاءُ الرِّقِّ، ذَكَرَه أبو بَكْرٍ.

(وَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ) قَبلَه؛ (لَمْ يَجُرَّ وَلَاءَهُمْ (٢) فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ)، قال أحمدُ: الجَدُّ لا يَجُرُّ الوَلاءَ، لَيس هو كالأب (٣)، ولأِنَّ الأصلَ بقاءُ الوَلاء لِمُستَحِقِّه، وإنَّما خُولِفَ هذا الأصل؛ للاِتِّفاق على أنَّه يَنجَرُّ بعِتْقِ الأب، والجَدُّ لا يُساوِيهِ، بدليلِ أنَّه لو أُعتق الأبُ بَعْدَ الجَدِّ؛ جرَّه عن مَولَى الجَدِّ إلَيهِ، ولأِنَّه لو أسْلَمَ الجَدُّ لم يَتبَعْه وَلَدُ وَلَدِه، ولأِنَّ الجَدَّ يُدلِي بغَيرِه، ولا يَستَقِرُّ الوَلاءُ عَلَيهِ، فلم يَجُرَّ الوَلاءَ؛ كالأخ.

(وَعَنْهُ: يَجُرُّهُ)؛ أيْ: إلى مَولاهُ بكلِّ حالٍ، وهو قَولُ أهلِ المدينة.

فإنْ أُعْتِق الأبُ بَعْدَ ذلك؛ جرَّه عن مَوالِي الجَدِّ إليه؛ لأِنَّ الجَدَّ يَقومُ مَقامَ


(١) في (ظ): يكن.
(٢) قوله: (لم يجر ولاءهم) في (ق): لم يجره.
(٣) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ٥٨.