للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البَيعِ، (إِلاَّ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ)، فإنَّه لا يَعتِقُ، وقاله ابن عمرَ (١) وأبو هُرَيرةَ (٢)، قال أحمدُ: أذْهَبُ إلى حديثِ ابنِ عمرَ في العِتْق، ولا أذْهَبُ إليه في البَيعِ (٣)، ولقَوله : «المسلِمُونَ على شُروطِهِمْ» (٤).

وفيه وَجْهٌ، وذَكَرَه القاضِي روايةً: أنَّه لا يَصِحُّ استِثْناؤه كالبيع، وبه قال أكثرُهم، وكما لو اسْتَثْنَى بعضَ أعضائها.

وجَوابُه: أنَّ الحَمْلَ معلومٌ، فصحَّ اسْتِثْناؤه؛ للخبرِ (٥)، بخلاف البيع؛ لأِنَّه عَقْدُ مُعاوَضةٍ، فاعْتُبِرَ فيه العِلْمُ بصفاتِ العِوَضِ، والعِتْقُ يُعتَبَرُ فيه العِلْمُ بوُجوده، وقد وُجِدَ، ولا يَصِحُّ قِياسُه على بَعْضِ أعْضائِها؛ لأِنَّه لا يصحُّ انفرادُه عنها، بخِلافِه هنا.

(وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَهَا؛ عَتَقَ وَحْدَهُ)، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا (٦)؛ لأِنَّ حكمَه حكمُ الإنسان المنفَرِدِ، ولهذا نورِّثُ (٧) الجَنينَ إذا ضُرِبَ بطنُ أمِّه، فأسْقَطَتْ جنينًا؛ فإنَّه يَجِبُ غُرَّةٌ مَورُوثةٌ عنه، كأنَّه سَقَطَ حَيًّا، وكتَدْبِيرٍ وكتابةٍ.

وعَنْهُ: لا يَصِحُّ حتَّى يُوضَعَ حيًّا، فيكونُ كَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُه بشَرْطٍ.

وإنْ أعْتقَ مَنْ حَمْلُها لِغَيرِه؛ كالموصَى به؛ ضَمِنَ قِيمتَه، ذَكَرَه القاضي.


(١) تقدم تخريجه ٥/ ٦٢ حاشية (٣).
(٢) ذكره ابن المنذر في الإشراف ٧/ ٥١، ولم يسنده، وقال ابن حزم في المحلى ٨/ ١٧٠: (وقد روي أيضًا عن أبي هريرة)، واحتج به إسحاق بن راهويه كما في مسائل ابن منصور ٨/ ٤٤١٣، ولم نقف عليه.
(٣) ينظر: المغني ١٠/ ٤٤٨.
(٤) تقدّم تخريجه ٤/ ٤٨٩ حاشية (٨).
(٥) لعل مراده حديث جابر مرفوعًا: «نهى رسول الله عن الثُّنْيا إلا أن تعلم»، أخرجه أبو داود (٣٤٠٥)، والترمذي (١٢٩٠)، والنسائي (٣٨٨٠)، وهو حديث صحيح، وأخرجه مسلم بنحوه (١٥٣٦).
(٦) ينظر: المغني ١٠/ ٤٤٨.
(٧) في (ظ): يورث.