للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأِنَّ الطَّلاقَ لفظٌ وُضِعَ لإزالةِ الملك عن المنفعة، فلم يَزُلْ به الملْكُ عن الرَّقَبة؛ كفَسْخِ الإجارة، وكما لو قال: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أُمِّي.

وعنه: كنايةٌ، يَعتِقُ به إنْ نَوَى؛ لأِنَّ الرِّقَّ أحدُ الملْكَينِ على الآدَمِيِّ، فيَزولُ بلَفْظِ الطَّلاق كالآخَرِ، وكالحُرِّيَّة في إزالة النِّكاح.

وعنه: لا تَطلُقُ إذا أضافَ إليها الحُرِّيَّةَ.

(وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ: أَنْتَ (١) ابْنِي؛ لَمْ يَعْتِقْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي)؛ كقَولِه لمَنْ لا يُمكِنُ كَونُه منه: أنتَ ابْنِي، في الأصحِّ؛ كقوله: أعْتَقْتُكَ، أو أنت حُرٌّ مِنْ ألْفِ سنةٍ، وفي «الانتصار»: إنْ قالَ لأُمَتِه: أنْت ابْنِي، ولِعَبْدِه: أنْت بنتي (٢).

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَعْتِقَ)، هذا وَجْهٌ، ذَكَرَه أبو الخَطَّاب؛ لأِنَّه اعْتَرَفَ بما تَثْبُتُ به حُرِّيَّتُه، أشْبَهَ ما لو أقرَّ بها.

والأوَّلُ المذهَبُ؛ لأِنَّه قَولٌ يُتَحَقَّقُ كَذِبُه فيه، كما لو قال لطفلٍ: هذا أبي، ولطِفْلةٍ: هذه أمِّي، ولأِنَّه لو قال لزَوجتِه وهيَ أسنُّ منه: هذه ابْنَتِي، أو قال لها وهو أسنُّ منها: هذه أمِّي؛ لم تَطلُقْ، فكذا هنا.

أمَّا إذا أمْكَنَ كَونُه منه، ولو كان له نَسَبٌ معروفٌ؛ فإنَّه يَعتِقُ؛ لجَوازِ كَونِه من وَطْءِ شُبْهةٍ.

وقيل: لا؛ لِكَذِبِه شرعًا.

ومِثْلُه لأِصغرَ: أنت أبي.

وفي «الرعاية»: وقيل: إنْ كان مِثْلُه يُولَدُ لِمِثْلِه مطلَقًا؛ عَتَقَ، وإلاَّ فَلَا.

(وَإِذَا أَعْتَقَ حَامِلاً عَتَقَ (٣) جَنِينُهَا)؛ لأِنَّه تابِعٌ لأِمِّه، بدليلِ دخوله في


(١) في (ق): إن.
(٢) أي: لم يعتق. ينظر: الفروع ٨/ ١٠١، الإنصاف ١٩/ ٢٠.
(٣) في (ظ): عن.