للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِشَهْرٍ؛ فَهَلْ يَصِحُّ، وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ).

وفِيهِ مَسأَلَتانِ:

الأُولَى، وهي الأصحُّ في «الشَّرح»: أنَّ هذه الصِّفةَ لا تَنعَقِدُ؛ لأِنَّه علَّق عِتْقَه على صفةٍ تُوجَدُ بَعْدَ زَوالِ ملْكِه، فلم يصحَّ (١)، كما لو قال: إنْ دَخَلْتَ الدَّار بَعْدَ بَيْعِي إيَّاكَ فأنتَ حرٌّ، ولأِنَّه إعْتاقٌ له بَعْدَ قرارِ ملْكِ غَيرِه، فلم يَعتِقْ، كالمنجَّز.

والثَّانيةُ: يَعتِقُ، ذَكَرَه القاضي، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لأِنَّه صرَّح، فحُمِلَ عَلَيهِ، كما لو وَصَّى بإعْتاقِه، وبِبَيعِ سِلْعَتِه ويَتصدَّقُ بِثَمَنِها، ويُفارِقُ التَّصرُّفَ بَعْدَ البيع، فإنَّ الله تعالى جَعَلَ للإنسان التَّصرُّفَ بَعْدَ مَوتِه في ثُلُثه، بخِلافِ ما بَعْدَ البيع.

الثَّانيةُ: إذا قال: أنتَ حرٌّ بَعْدَ مَوتِي بشَهْرٍ؛ فقال مُهَنَّى: سألتُ أحمدَ عن هذا فقال: هذا لا يكون شيئًا بَعْدَ مَوتِه (٢)، واخْتارَه أبو بَكْرٍ؛ لمَا ذَكَرْنا في التي قَبْلَها.

والثَّانيةُ: يَعْتِقُ إذا وُجِدَت الصِّفةُ بَعْدَ الموت، ذَكَرَه القاضي وابنُ أبي موسى؛ لأِنَّ صحَّةَ التَّعليق تُوجِبُ وقوعَ العِتْقِ عِنْدَ شَرْطِه ضرورةً، فَعَلَى هذا: يكون قَبْلَ العِتْق ملكًا للوارِث، وكَسْبُه له؛ كأمِّ الولد.

وعلى الأُولَى: لا يَملِكُ (٣) الورثةُ بَيعَه قَبْلَ فِعْلِه؛ كموصًى به قَبْلَ قَبوله.

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَدَخَلَهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ؛ صَارَ مُدَبَّرًا)؛ لأِنَّه وُجِدَ شَرْطُ التَّدْبِير، وهو دخولُ الدَّار، (وَإِلاَّ فَلَا)؛ أيْ: إذا لم يَدخُلْها في حياةِ السَّيِّد؛ لأِنَّه جُعِلَ ظَرْفًا لِوقوع الحُرِّيَّة، وذلك يَقتَضِي سَبْقَ


(١) في (ظ): تصح.
(٢) ينظر: الروايتين والوجهين ٣/ ١١٨، المغني ١٠/ ٣٤٥.
(٣) في (ظ): تملك.