للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شُعَيبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّه مرفوعًا: «لَا عِتْقَ لاِبْنِ آدَمَ فِيما لا يَمْلِكُ، ولا طَلاقَ لاِبنِ آدَمَ فِيما لا يَملِكُ»، قال التِّرمِذِيُّ: (هذا حديثٌ حَسَنٌ، وهو أحْسَنُ ما رُوِيَ في هذا البابِ) (١)، ولأِنَّه قَولُ مَنْ سَمَّيْنا من الصَّحابة، ولم يُعرَفْ لهم مُخالِفٌ، فكان كالإجماع، ولأِنَّه لا يَملِكُ تَنجِيزَ العِتْقِ، فلم يَملِكْ تَعلِيقَه؛ لقَولِه : «لَا عِتْقَ قَبْلَ ملْكٍ» رواه أبو داود الطَّيالِسِيُّ (٢).

والثَّانيةُ: يَعتِقُ إذا مَلَكَه، قَدَّمه في «الفروع»، ونَقَلَه الجماعةُ (٣)، واخْتارَه أصْحابُنا، قاله القاضِي وغَيرُه؛ لأِنَّ العِتْقَ مَقصودٌ من الملك، والنِّكاح لا يُقصَدُ به الطَّلاقُ.

وفرَّق أحمدُ (٤): بأنَّ الطَّلاقَ لَيسَ لله، ولا فيه قُرْبةٌ إلى الله تعالى، ولأِنَّه أضاف العِتْقَ إلى حالِ ملْكِ عِتْقِه فيه، أشْبَهَ ما لو كان التَّعليقُ في ملْكِه.

(وَإِنْ قَالَهُ العَبْدُ؛ لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ)؛ لأِنَّ العبدَ لا يَصِحُّ منه العِتْقُ حِينَ التَّعليق؛ لكونِه لا يَملِكُ، وإنْ مَلَكَ فهو ملْكٌ ضعيفٌ غَيرُ مُسْتَقِرٍّ، لا يَتَمَكَّنُ من التَّصرُّف فيه، وللسَّيِّد انْتِزاعُه منه، بخِلافِ الحرِّ.

والثَّانِي: أنَّ العبدَ إذا قال ذلك، ثُمَّ عَتَقَ ومَلَكَ؛ عَتَقَ كالحرِّ.


(١) أخرجه الطيالسي (٢٣٧٩)، وأحمد (٦٧٨٠)، والترمذي (١١٨١)، وابن ماجه (٢٠٤٧)، وابن الجارود (٧٤٣)، والطحاوي في شرح المشكل (٦٦٠)، من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا. وسنده حسن، وقد حسّنه الخطابي وابن عبد البرّ والألباني، وقال الترمذي: (سألتُ محمد بن إسماعيل - يعني البخاري -، فقلت: أيّ حديث في هذا الباب أصحّ في الطلاق قبل النكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه)، وفي الباب عن علي بن أبي طالب وابن عبّاس وجابر بن عبد الله تقدم تخريجه قريبًا، وصححه الألباني بمجموع شواهده. ينظر: العلل الكبير (٣٠٢)، الاستذكار ٦/ ١٨٩، البدر المنير ٨/ ٩٣، الإرواء ٦/ ١٧٣.
(٢) هو ما تقدم تخريجه في الحاشية السابقة.
(٣) ينظر: الفروع ٨/ ١١٤.
(٤) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ٢٣٥، مسائل ابن منصور ٨/ ٤٤٥٦، الفروع ٨/ ١١٤.