للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التَّدبير لا يَخْلُو مِنْ حالَينِ:

أحدهما: أنْ يكونَ مَوجُودًا حالَ تدبيرها، ويُعلَمُ ذلك، بأنْ تأتيَ به لأِقلَّ مِنْ ستَّةِ أشْهُرٍ مِنْ حِينِه، فيَدخُلُ معها بغَيرِ خلافٍ نَعلَمُه (١)؛ كعُضْوٍ مِنْ أعضائها، فإنْ بَطَلَ التَّدبير في الأمِّ؛ لم يَبطُلْ في وَلَدِها؛ لأِنَّه ثَبَتَ أصْلاً.

الثَّاني: أنْ تَحمِلَ به بَعْدَ التَّدبير، فهو يَتبَعُ أُمَّه مطلَقًا في قَولِ أكثرِ أهلِ العِلْمِ.

ونَقَلَ حَنبَلٌ عنه: أنَّ وَلَدَها عبدٌ إذا لم يَشْرِط الولِيُّ (٢)، فظاهِرُه: أنَّه لا يَتبَعُها، ولا يعتِقُ (٣) بمَوتِ سيِّدها، ولأِنَّ عِتْقَها معلَّقٌ (٤) بصفةٍ، أشْبَهَ مَنْ عُلِّق عِتْقُها بدخول الدَّارِ.

والأوَّلُ أصحُّ؛ لقَولِ عمرَ وابنِه وجابرٍ: «إنَّ وَلَدَها بمنزلتها» (٥)، ولم يُعرَفْ لهم مُخالِفٌ في الصَّحابة، فكان كالإجماع، ولأِنَّ الأمَّ اسْتَحَقَّت الحُرِّيَّةَ


(١) ينظر: الشرح الكبير ١٩/ ١٦٢.
(٢) ينظر: الروايتين والوجهين ٣/ ١١٨.
(٣) في (ظ): ولا تعتق.
(٤) في (ق): تعلق.
(٥) أثر عمر لم نقف عليه، والمؤلف تبع ما في المغني ١٠/ ٣٥٣، والذي في الروايتين والوجهين ٣/ ١١٩: (روي عن عثمان وابن عمر وجابر)، وهو الأولى، فإن أثر عثمان أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (١٢/ ٤٥٨)، والبيهقي في الكبرى (٢١٥٨٣)، بسند جيد.
وأثر ابن عمر : أخرجه سعيد بن منصور (٤٦٠)، وابن أبي شيبة (٢٠٦٢٣)، والطحاوي في مشكل الاثار (١٢/ ٤٥٨)، والدارقطني (٤٢٥٧)، والبيهقي في الكبرى (٢١٥٨٤)، عن ابن عمر أنه كان يقول: «ولد المدبرة بمنزلتها، يرِقُّون برقها، ويَعْتِقون بعتقها»، وإسناده صحيح ورجاله رجال الشيخين.
وأثر جابر : أخرجه ابن أبي شيبة (٢٠٦٣٧)، والطحاوي في مشكل الآثار (١٢/ ٤٥٧)، والبيهقي في الكبرى (٢١٥٩٥)، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «ما أرى أولاد المدبرة، إلا بمنزلة أمهم»، وإسناده صحيح.