للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقدَّم في «الرَّوضة»: الإباحةَ.

والمشهورُ الأوَّلُ؛ لأِنَّه إعْتاقٌ بعِوَضٍ، فلم يَجِبْ عَلَيهِ؛ كالاِسْتِسْعاء، والآيةُ محمولةٌ على النَّدب، وقَولُ عمرَ يُخالِفُه فِعْلُ أَنَسٍ.

قال أحمدُ: (الخَيرُ: صِدْقٌ وصلاحٌ وَوَفاءٌ بمالِ الكتابة) (١)، ونَحوُ هذا قَولُ جماعةٍ.

وقال الشَّافِعِيُّ: هو قُوَّةٌ على الكَسْبِ والأمانةُ (٢)، وفسَّره به المؤلِّف وغَيرُه، وهو بمعنى الأوَّل، وقال ابنُ عبَّاسٍ: «غَناءٌ (٣) وإعْطاءٌ للمال» (٤).

ولا خِلافَ بَينَهم: في أنَّ مَنْ لا خَيرَ فيه لا تَجِبُ إجابتُه (٥).

(وَهَلْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ): إحداهما، وهي ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، والمذْهَبُ: أنَّها تُكرَهُ، وهو قَولُ ابنِ عمرَ (٦) ومَسْروقٍ والأَوْزاعِيِّ؛ لأِنَّ فيها إضْرارًا بالمسلمين، وجَعْلَه


(١) ينظر: المغني ١٠/ ٣٦٦.
(٢) ينظر: تفسير الثعلبي ٧/ ٩٦، تفسير الماوردي ٤/ ١٠٠.
(٣) الغناء: بفتح الغين مع المد، الكفاية. وينظر: مقاييس اللغة ٤/ ٣٩٧.
(٤) علقه الواحدي في البسيط (١٦/ ٢٣٥)، عن عطاء، عن ابن عباس بلفظ: «قوة على الكسب، وأداء المال». وأخرج البيهقي في الكبرى (٢١٦٠٤)، عن ابن عباس من طريق أخرى قال: «أمانة ووفاء». وأخرج الطبري في التفسير (١٧/ ٢٧٨)، وابن أبي حاتم في التفسير (١٤٤٥٧)، والبيهقي في الكبرى (٢١٦٠٣)، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: «إن علمتم لهم حيلة، ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين»، وإسناده جيد.
(٥) في (ق): كتابته. وينظر: المغني ١٠/ ٣٦٦.
(٦) أخرجه عبد الرزاق (١٥٥٨٥)، وابن أبي شيبة (٢٢٢٠٤)، والطبري في التفسير (١٧/ ٢٧٨)، والبيهقي في الكبرى (٢١٦٠٥)، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يكره أن يكاتب عبده إذا لم يكن له حرفة، يقول: «تطعمني من أوساخ الناس؟!» إسناده صحيح.