للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُستَحَبُّ أنْ يُرسَلَ إليها نسوةٌ ثِقاتٌ يَنظُرْنَ ما في نفسها، والأمُّ بذلك أَوْلَى.

(وَالسَّيِّدُ لَهُ تَزْوِيجُ إِمَائِهِ الْأَبْكَارِ، وَالثُّيَّبِ، وَعَبِيدِهِ الصِّغَارِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ)، وفِيهِ مَسائِلُ (١):

الأولى: أنَّ السَّيِّدَ له تزويجُ إمائه الأبكارِ بغَيرِ إذْنِهم، هذا المذهبُ المجزومُ به؛ لأِنَّ النِّكاحَ عَقْدٌ على منفعتها وهي مملوكةٌ، أشْبَهَت الإجارةَ.

ونَقَلَ أبو عبد الله النَّيسابُوريُّ، عن أحمدَ أنَّه سُئل: هل يُزوِّجُ الرَّجل جاريتَه من غلامه بغَيرِ مَهْرٍ؟ قال: لا يُعجِبُنِي إلاَّ بمَهْرٍ وشُهودٍ، قِيلَ: فإنْ أَبَتْ؟ قال: يُزوِّجُها السَّيِّدُ بإذْنِها (٢).

قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: (وظاهِرُ هذا أنَّ السَّيِّدَ لا يُجبِرُ الأمةَ الكبيرةَ بِناءً على أنَّ مَنافِعَ البُضْع لَيسَتْ بمالٍ، بدليلِ (٣) المعْسِرة لا تُلزَمُ بالتَّزوُّج، ولا تُضمَنُ باليد اتِّفاقًا، ومِلْكُ السَّيِّد لها كملْكِه لمنفعةِ بُضْعِ زَوجته) (٤).

وظاهِرُ الأوَّل يَشمَلُ: المدبَّرةَ، والمعلَّقَ عِتْقُها بصفةٍ، وأمَّ الولد؛ لِمُساواتِهِنَّ لِلأَمَةِ.

وفي ملْكِه إجْبارَ المكاتَبةِ وَجْهانِ، ولو كان بعضُها حُرًّا لم يَمْلِكْه (٥)، ولا إنكاحها وحدَه، ويُعتَبَرُ إذْنُها وإذِنُ مالِكِ البقيَّة؛ كأمَةٍ لاِثنَينِ، ويَقولُ كلٌّ منهما: زوَّجْتُكها.

الثَّانية: وهي المذهَبُ المنصوصُ: أنَّ له إجبارَه (٦)؛ قياسًا على


(١) أخرجه أحمد (٣٠٨٧)، وأبو داود (٢١٠٠)، والنسائي (٣٢٦٣)، وابن حبان (٤٠٨٩)، والدارقطني (٣٥٧٨)، من طريق معمر، عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: «ليس للوليّ مع الثيب أمر، واليتيمة تستأمر، فصمتها إقرارها». وصححه ابن حبان وابن الملقن والألباني، وحسّنه الترمذي. وذكر الدارقطني أن صالحًا لم يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، قال: (اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة عن صالح، سمعت النيسابوريّ يقول: الذي عندي أنّ معمرًا أخطأ فيه). ينظر: السنن الكبرى للنسائي ٥/ ١٧٨، تنقيح التحقيق ٤/ ٣١٣، البدر المنير ٧/ ٥٧١، صحيح سنن أبي داود ٦/ ٣٣٢.
(٢) ينظر: شرح الزركشي ٥/ ١٠٢.
(٣) زيد في (ق): أن.
(٤) ينظر: شرح الزركشي ٥/ ١٠٢.
(٥) في (ظ): تملكه.
(٦) أي: إجبار عبده الصغير بغير إذنه.