للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ بِحَالٍ)، نَصَّ عليه في رواية الأثْرَم (١)؛ لِمَا رُوِيَ: أنَّ قُدامةَ بنَ مَظْعونٍ زوَّج ابنة أخيه من عبدِ الله بنِ عمرَ، فرُفِعَ ذلك للنَّبيِّ فقال: «إنَّها يتيمةٌ، ولا تُنكَحُ إلاَّ بإِذْنِها» (٢)، والصَّغيرةُ لا إذْنَ لها؛ كمالٍ.

(وَعَنْهُ: لَهُمْ ذَلِكَ)؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النِّسَاء: ٣]، دلَّت بمَفهومِها: أنَّ تزويجَها إذا أقْسَطُوا جائزٌ، وقد فسَّرتْه عائشةُ بذلك (٣)، قال في «الفروع»: (كحاكِمٍ)، ولعلَّه: كالأب، بل في «المستوعب» و «الرِّعاية» ما يُخالِفُه.

وذَكَرَ في «المجرَّد»: للحاكِمِ تزويجُه؛ لأِنَّه يَلِي مالَه، والمرادُ: أنَّه يُزوِّجُها عِنْدَ عَدَمِهم، بدليلِ ما نَقَلَ ابنُ هانِئٍ: أنَّ الإمامَ أحمدَ سئِلَ عن صبيَّةٍ بنتِ ثمانِ سِنِينَ، مات أبوها، ويُريدُ العَصبةُ أنْ يزوِّجوها، قال: لا أرى أنْ تُستأْمَرَ، ولا يُزوِّجُها إلاَّ عمٌّ، أو ابنُ عمٍّ، أوْ عَصَبةٌ، فإنْ لم يكُنْ زوَّجها السُّلطانُ (٤)، فعلى هذا: يُفِيدُ الحِلَّ وبقيَّةَ أحكامِ النِّكاح الصَّحيح من الإرث ونحوِه.


(١) ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٢٩، مسائل عبد الله ص ٣٢٤.
(٢) أخرجه أحمد (٦١٣٦)، والدارقطني (٣٥٤٧)، والبيهقي في الكبرى (١٣٦٥٦)، من طريق ابن إسحاق، حدثني عمر بن حسين بن عبد الله مولى آل حاطب، عن نافع، عن عبد الله بن عمر. وإسناده جيِّد، وابن إسحاق قد صرّح بالتّحديث كما قاله الألباني، وصححه. وأخرجه ابن ماجه (١٨٧٨) مختصرًا، من طريق عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر . وابن نافع ضعيف، ويشهد له ما تقدم. ينظر: مجمع الزوائد ٤/ ٢٨٠، الإرواء ٦/ ٢٣٣، الصحيحة ٣/ ٤٤٤.
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٧٤)، ومسلم (٣٠١٨)، عن عروة بن الزبير، أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ فقالت: «يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، تَشْرَكُه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يُقْسِط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهُوا عن أن ينكحوهن إلا أن يُقْسِطوا لهن، ويبلغوا لهن أعلى سُنَّتِهنَّ في الصداق».
(٤) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ١٩٩.