للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعنه: تُزوِّج نفسَها مطلَقًا، وخصَّه المؤلِّفُ بحالِ العُذْر؛ كما إذا عُدِمَ الوليُّ أو السُّلطانُ، واختُلِف في مَأْخَذِها، فابنُ عَقِيلٍ أخَذَها من قول الإمام أحمدَ في دِهْقانِ القرية: يزوِّج مَنْ لا وليَّ لها (١)، فهو بمنزلة حاكمها، وغلَّطه الشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٢).

وأخَذَها ابن أبي موسى ممَّا أخذه المؤلِّفُ، واستدلَّ له بالآية، وبقوله: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ (٣)، فأباح فِعْلَها في نفسها من غير شرط الوليِّ، وبدليل خِطبته (٤) أمَّ سَلَمةَ (٥)، فإنَّ أهلَ التَّاريخ قالوا: إنَّه كان ابْنَ (٦) ستِّ سِنينَ، ومِثْلُه لا تصحُّ وِلايتُه.

وقد سُئِل أحمدُ عن حديث «لا نِكاحَ إلاَّ بوليٍّ»: يَثبُتُ فيه شَيءٌ عن النَّبيِّ ؟ قال: (لا) (٧)، ثمَّ هو محمولٌ على نَفْيِ الكمال، وسُلَيمانُ بن موسى ضعَّفه البخاريُّ، قال في رِوايةِ المرُّوذِيِّ: ما أراهُ صحيحًا؛ لأِنَّ عائشةَ فَعَلَتْ بخِلافه (٨)، وقال ابنُ جُرَيجٍ: لَقِيتُ الزُّهْرِيَّ فسألْتُه عنه، فقال: لا أعْرِفُه، ويُقوِّيهِ أنَّ الزُّهْرِيَّ قال بخلاف ذلك، قاله أحمد (٩).

(وَالْأَوَّلُ المَذْهَبُ)؛ لِمَا ذَكرْنا، وصَونًا لها عن مباشَرةِ ما يُشعِرُ بوَقاحَتِها (١٠)، ورُعونَتها، ومَيلِها إلى الرِّجال، فَوَجَبَ أنْ لا تُباشِرَ النِّكاحَ؛


(١) ينظر: المغني ٧/ ١٨.
(٢) ينظر: شرح الزركشي ٥/ ١١.
(٣) أي: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾.
(٤) في (ق): خطبة.
(٥) سيأتي لفظه قريبًا في كلام المصنف.
(٦) في (ظ): كابن.
(٧) ينظر: مسائل حرب ٣/ ١٢٥٨.
(٨) سبق تخريجه قريبًا ٧/ ٤٣٩ حاشية (٥).
(٩) ينظر: مسائل حرب ٣/ ١٢٥٨.
(١٠) قوله: (بوقاحتها) هو في (ق): بوفاء حقها.