للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنْ وُجِدتْ حالَ العقد، ثُمَّ عُدِمَتْ بعدَه؛ لم يَبطُل النِّكاحُ، وللمرأة الفسخُ؛ كعتقها تحتَ عبدٍ.

وقِيلَ: لا؛ كوليِّها، وكطَولِ حُرَّةٍ مَنْ نَكَحَ أَمَةً.

وفي ثالثٍ: لهم الفَسْخُ؛ كما لو كانت معدومةً قَبْلَ العَقْد.

(فَلَوْ رَضِيَتِ الْمَرْأَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ بِغَيْرِهِ)؛ أيْ: بغَيرِ كُفُؤٍ؛ (لَمْ يَصِحَّ)؛ لفَوات الشَّرط، ولأِنَّها حقٌّ لله تعالى ولهم، واحتجَّ جماعةٌ بِبَيعِه مالَها بِدونِ ثَمَنِه، مع أنَّ المالَ أخفُّ من النِّكاح؛ لدُخولِ البَدَلِ فيه والإباحةِ والمحاباةِ، ويُحكَمُ بالنُّكول فيه، وبأنَّ مَنْعَها تزويجَ نفسها كَيْلا يَضَعَها في غَيرِ كُفُؤٍ، فبَطَلَ العَقْدُ؛ لِتَوَهُّمِ العار فيه، فهنا أَوْلَى، ولأِنَّ لله فيه (١) نَظَرًا، ولأِنَّ الوليَّ إذا زوَّجها بغَيرِ كُفُؤٍ يكون فاسِقًا.

(وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ) للصِّحَّة، بل لِلُّزومِ، (وَهِيَ أَصَحُّ)، اختارها أبو الخَطَّاب في «خلافه» (٢)، وقدَّمها في «المحرَّر» و «الفروع»، وجَزَمَ بها في «الوجيز»، قال ابن حَمْدانَ: وهي أَوْلى؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحُجرَات: ١٣]، وزوَّج النَّبيُّ ابْنَتَيهِ من عثمانَ وأبي العاص (٣)، ولا شكَّ أنَّ نَسَبَه فَوقَ نسَبِهما، وفي «الصَّحيحَينِ»: «أنَّه أمَرَ فاطِمةَ بنتَ قَيسٍ أنْ تَنْكِحَ أسامةَ بنَ زَيدٍ مَولاهُ»، وهي قُرَشِيَّةٌ (٤)، وفي «البخاريِّ»: «أنَّ


(١) قوله: (فيه) سقط من (ق).
(٢) قوله: (في خلافه) سقط من (ظ).
(٣) كما في البخاري (٣١٣٠)، من حديث ابن عمر ، قال: إنما تغيَّب عثمان عن بدر، فإنه كانت تحته بنت رسول الله . الحديث، وهي رقية بنت الرسول الله كما جاءت تسميتها بسند صحيح عند أحمد (١٣٣٩٨)، والحاكم (٦٨٥١).
وزواج أبي العاص من زينب بنت الرسول مشهور: ففي مسلم (٥٤٣)، من حديث أبي قتادة ، قال: «رأيت النّبيّ يؤمّ النّاس وأمامة بنت أبي العاص، وهي ابنة زينب بنت النبيّ على عاتقه».
(٤) تقدم أنَّ حديث فاطمة بنت قيس لم يخرجه البخاري، بل انفرد به مسلم (١٤٨٠).