للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إِلاَّ حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ)، فإنَّها تَحِلُّ بغَيرِ خلافٍ نَعلَمُه (١)، وسَنَدُه قَولُه تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [المَائدة: ٥]، ولِإجْماعِ الصَّحابة عليه (٢).

لا يُقالُ: ما تقدَّم يَدُلُّ على عدم إباحتهنَّ؛ لِشركهِنَّ، وقَولِ ابنِ عبَّاسٍ: «آيةُ المائدة متأخِّرةٌ عنهما» (٣)؛ لأِنَّ لفظَ المشركين لا يَتناوَلُ أهلَ الكتاب؛ لقوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾ [البَيّنَة: ١].

ونَصَّ على الحرائر؛ لأِنَّ الإماءَ يأتي حكمهنَّ.

والأَوْلى تَرْكُه، وكرهه القاضي والشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٤)، كقول أكثرهم؛ كذبائحهم بلا حاجةٍ.

وشَمِلَ الحَرْبِيَّات من أهل الكتاب، وهو أحدُ الأقوال، اختاره القاضي، وهو ظاهر «الوجيز» و «الفروع»؛ لدُخولهنَّ في الآية الكريمة.

وقيل: لا يجوز؛ حَمْلاً لآيةِ المنْعِ على ذلك، وآيةِ الجواز على غَيرِ الحربيَّات.


(١) ينظر: الإشراف ٥/ ٩٣، الاستذكار ٥/ ٤٩٦.
(٢) روي عن جماعة من الصحابة ، قال ابن المنذر في الإشراف ٥/ ٩٣: (لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك)، ومن ذلك: ما أخرجه صالح في مسائله (٢/ ٣٢٠)، والخلال في أحكام أهل الملل (٤٦٠)، عن قتادة: أن حذيفة بن اليمان وطلحة بن عبيد اللَّه والجارود بن المعلى وأذينة العبدي، تزوج كل واحد منهم امرأة من أهل الكتاب. وروي ذلك عن عمر وعثمان وجابر وغيرهم. ينظر: مصنف عبد الرزاق ٧/ ١٧٦، مصنف ابن أبي شيبة ٣/ ٤٧٥، السنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٢٧٦.
(٣) أخرجه أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (١٤١)، والطبري في التفسير (٣/ ٧١١)، وابن أبي حاتم في التفسير (٢٠٩٥)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (ص ١٩٤)، والبيهقي في الكبرى (١٣٩٧٦)، من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عنه. وإسناده جيد. أخرجه محمد بن نصر في السنة (٣٢٨)، والطبراني في الكبير (١٢٦٠٧)، عن أبي مالك الغفاري عنه. قال في مجمع الزوائد ٤/ ٢٧٤: (رجاله ثقات).
(٤) ينظر: الفروع ٨/ ٢٥٢.