للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن جابِرٍ (١) قال: سمعتُ عمرَ يَخطُبُ وهو يقول: «والله إنِّي لا أُوتَى بمُحلِّلٍ ولا محلَّلٍ له إلا رَجَمْتُهما» رواه الأثْرَمُ (٢)، وهو قَولُ الفقهاء من التَّابِعينَ، ولأِنَّه نكاحٌ إلى مدَّةٍ، وفيه شَرْطٌ يَمنَع بقاءَه، أشْبَهَ نكاحَ المتعة.

وخرَّج القاضي وأبو الخَطَّاب روايةً: ببطلان الشَّرط وصحَّة العقد، من مسألة اشْتِراط الخِيارِ، وكذلك ابنُ عَقِيلٍ، لكنَّه خرَّجها من الشُّروط الفاسدة.

(فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ (٣) شَرْطٍ؛ لَمْ يَصِحَّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ)، وعليه الأصحابُ؛ لعموم ما تقدَّم، يؤيِّده ما رَوَى ابنُ شاهِينَ في «غرائب السُّنَن»: أنَّ النَّبيَّ سُئل عن نكاح المحلِّل، فقال: «لا نكاحَ إلاَّ نكاحُ رَغْبةٍ، لا نكاحُ دُلْسةٍ» (٤)، وظاهِرُه شامِلٌ إذا اشترطا التَّحليلَ حالَ العَقْد أوْ قَبْلَه، ولم


(١) كذا في النسخ الخطية، وصوابه كما في المغني ٧/ ١٨١ وشرح الزركشي ٥/ ٢٣٢: قبيصة بن جابر، وسيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٠٧٧٧)، وسعيد بن منصور (١٩٩٢)، وابن أبي شيبة (١٧٠٨٠)، والبيهقي في الكبرى (١٤١٩١)، عن المسيب بن رافع، عن قبيصة بن جابر الأسدي به. قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى ٦/ ٢٤٢: (مشهور محفوظ عن عمر)، وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان ١/ ٢٧١: (وهو صحيحٌ عن عمر).
(٣) في (ق): من غير.
(٤) لم نقف على كتاب «غرائب السنن»، والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (١١٥٦٧)، من طريق إسحاق بن محمد الفروي، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس مرفوعًا. واسحاق الفروي وشيخه إبراهيم ضعيفان، وداود بن الحصين، وإنْ كان ثقةً إلاّ أنّ أحاديثه عن عكرمة مناكير. كما قاله ابن المديني وأبو داود وغيرهما. وضعفه ابن القيم. وأخرج الحاكم (٢٨٠٦)، والبيهقي في الكبرى (١٤١٨٩)، بسند صحيح عن نافع، أنه قال: جاء رجل إلى ابن عمر ، فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثًا، فتزوّجها أخ له، من غير مؤامرة منه، ليُحلَّها لأخيه، هل تحلّ للأوّل؟ قال: «لا، إلاّ نكاح رغبة، كنا نعدُّ هذا سِفاحًا على عهد رسول الله ». ينظر: تهذيب الكمال ٨/ ٣٨٠، تاريخ الإسلام ٣/ ٦٣٠، إغاثة اللهفان ١/ ٢٧٠، الإرواء ٦/ ٣١٦.