للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وقد صحَّ أنَّ ذلك كان بَعْدَ طَلاقِه، فلا مَعْنَى لضَرْبِ المدَّة (١)، وحِينَئِذٍ لا يُحتَسَبُ عَلَيهِ منها ما اعْتَزَلَتْهُ فَقَطْ، قاله في «التَّرغِيبِ»؛ ولأِنَّ العَجْزَ عنه يَحتَمِلُ أنْ يَكونَ مَرَضًا، فتُضرَبُ له سَنَةٌ؛ لِتَمُرَّ به الفُصولُ الأربعةُ، وقِيلَ: شَمْسِيَّةٌ، فإنْ كان مِنْ يُبْسٍ زال في الرُّطوبة، وإنْ كانَ من رُطوبةٍ زالَ في فَصْلِ اليُبْسِ، وإنْ كان مِنْ بُرودةٍ زالَ في الحرارة، وإنْ كان من انْحِرافِ مِزاجٍ زالَ في فَصْلِ الاِعْتِدال، فإذا مَضَتِ الفُصولُ الأربعةُ، واختَلَفَتْ عليه الأهْوِيَةُ، ولم يَزُلْ؛ عُلِمَ أنَّه خِلقَةٌ، قال أحمدُ: أهلُ الطّبِّ قالوا: الدَّاءُ لا يُسجَنُ في البدن أكثرَ مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ يَظْهَرُ (٢).

وابْتِداءُ السَّنةِ مُنْذُ تَرافُعِه، قال ابنُ عبدِ البَرِّ: على هذا جماعةُ القائِلِينَ بتأْجِيلِه، بخِلافِ مُدَّة الإيلاءِ (٣).

(فَإِنْ وَطِئَ فِيهَا، وَإِلاَّ فَلَهَا الْفَسْخُ) في ظاهِرِ المذْهَبِ؛ لأِنَّه تَثْبُتُ (٤) عُنَّتُه فيَثْبُتُ لها الفَسْخُ.

واخْتارَ أبو بكرٍ، وصحَّحه المجْدُ: أنَّه لا يُؤجَّلُ، وتَفْسَخُ (٥) في الحال كالجَبِّ؛ ولأِنَّ المقْتَضِيَ للفَسْخ قد وُجِدَ، وزَوالُه لا يَحتَمِلُ الأَجَلَ، والظَّاهِرُ عَدَمُه.

والحاصِلُ: أنَّها إذا ادَّعَتْ عَدَمَ وَطْئِها لِعُنَّته؛ سُئِلَ عن ذلك، فإنْ أنْكَرَ وهِيَ عَذْراءُ؛ فالقَولُ قَولُها، وإلاَّ فالقَولُ قَولُه مع يمينه في ظاهِرِ المذهب؛


(١) ينظر: الاستذكار ٥/ ٤٤٦.
(٢) لم نقف عليه من كلام أحمد، وذكره ابن المنذر عن أبي عبيد. ينظر: النجم الوهاج ٧/ ٢٤٤.
(٣) ينظر: التمهيد ١٣/ ٢٢٦.
(٤) في (ظ): لا تثبت.
(٥) في (ظ): ويفسخ.