للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا تَختلِفُ (١) باخْتِلاف المحلِّ (٢) والنِّساء؛ ولأِنَّ الوطءَ في الدُّبُرِ أصْعَبُ، فَمَنْ قَدَرَ عليه كان على غيره أقْدَرَ، وهذا مختارُ ابنِ عَقِيلٍ، ومُقتَضَى قَولِ أبي بكرٍ.

فعلى الأوَّلِ: لو تزوَّجَ امرأةً فأصابها، ثُمَّ أبانَها، ثُمَّ تزوَّجها فعُنَّ عنها؛ فلها المطالَبةُ؛ لأِنَّه إذا جاز عَنِ امْرأةٍ دُونَ أخرى؛ ففي نكاحٍ دُونَ آخَرَ أَوْلَى؛ لأِنها قد تَطْرَأُ.

وعلى الثَّاني: لا يَصِحُّ، بل مَتَى وَطِئَ امْرأةً زالَتْ عُنَّتُه أبدًا.

(وَإِنِ ادَّعَى أَنَّه وَطِئَهَا، وَقَالَتْ: إِنَّهَا عَذْرَاءُ، فَشَهِدَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا)؛ لأِنَّ بَكارتَها أكْذَبَتِ الزَّوجَ؛ إذ الوطءُ مع بقاء البَكارة متعذِّرٌ.

ويُقبَلُ في بَقاءِ عُذْرَتِها امرأةٌ ثِقةٌ؛ كالرَّضاع. وعَنْه: ثِنتان، ويُؤجَّلُ.

فإن ادَّعَى أنَّ عُذْرَتَها عادَتْ بَعْدَ الوطء؛ قُبِلَ قَولُها؛ لأِنَّ هذا بعيدٌ جِدًّا وإنْ كان مُتَصَوَّرًا، والأصحُّ: أنَّها تُستَحْلَفُ.

(وَإِلاَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ)؛ أيْ: إذا لم يَشهَدْ لها أَحَدٌ؛ لأِنَّ الأصلَ السَّلامةُ وعَدَمُ العَيب، وكذا إذا ادَّعَتْ أنَّ عُذْرَتَها زالَتْ بسببٍ آخَرَ؛ لأِنَّ الأصلَ عَدَمُه.

(وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا؛ فَالقَوْلُ قَوْلُهُ) مع يَمِينِه إنِ ادَّعاهُ ابْتِداءً، وإنِ ادَّعاهُ بَعْدَ ثُبوت عُنَّتِه وتأجيلِه؛ قُبِلَ قَولُها؛ لأِنَّ هذا يتعذَّر إقامةُ البيِّنة عليه؛ ولأِنَّه يَدَّعِي سلامةَ العَقْد وسَلامةَ نفسِه من العيوب، والأصلُ السَّلامةُ، فإنْ نَكَلَ؛ قُضِيَ عليه بالنُّكول، قال القاضي: ويتخرَّجُ أنْ لا يُستَحْلَفَ.


(١) في (ظ): يختلف.
(٢) في (ق): المحيل.