للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَأَلاَّ يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ)، بل تُستَحَبُّ تسميتُه في العَقْد؛ لأِنَّه كان يُزوِّجُ ويَتزَوَّجُ، ولم يكُنْ يُخْلِي ذلك من صَداقٍ، مع أنَّه كان له أنْ يتزوَّجَ بلا مَهْرٍ (١)، وقال للذي زوَّجه الموْهوبةَ: «هل مِنْ شَيءٍ تُصدِقُها؟» قال: لا، قال: «الْتَمِسْ ولَوْ خاتمًا مِنْ حَديدٍ» (٢)، ولأِنَّه أقْطَعُ للنِّزاع.

ولَيسَ ذِكْرُه شَرْطًا وِفاقًا (٣)؛ لقوله تعالى: ﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البَقَرَة: ٢٣٦]، ولأِنَّ القَصْدَ بالنِّكاح الوُصْلةُ والاِسْتِمْتاعُ، وبَالَغَ في «التَّبصرة» فكَرِهَ تَرْكَه، وذَكَرَ الطَّحاويُّ أنَّ كثيرًا من أهل المدينة يُبْطِلونَ هذا النِّكاحَ إذا خُوصِمُوا (٤) فيه قَبْلَ الدُّخول.

(وَألاَّ يَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ وَبَنَاتِهِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وقاله في «المستوعب»؛ لِمَا رَوَى مُسلِمٌ من حديثِ عائشةَ: «أنَّ صَداقَ النَّبيِّ على أزواجه خمسُمِائَةِ دِرهَمٍ» (٥). وفي «الرِّعاية»، و «الوجيز»، و «الفروع»: ألاَّ يَزِيدَ على مُهورِ أزواجِ النَّبيِّ وبناتِه؛ من أرْبَعِمائةٍ إلى خَمْسِمائةٍ.

وقدَّم في «التَّرغيب»: لا يُزادُ على مَهْرِ بناته أربعمائةِ درهمٍ؛ لِمَا رَوَى أبو العَجْفاء قال: سمعتُ عمرَ يقولُ: «ما أصْدَقَ النَّبيُّ امرأةً من نِسائه، ولا أُصْدِقَت امرأةٌ من بناته أكثرَ من ثِنْتَيْ عَشرةَ أُوقِيَّةً» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، والتِّرمِذِيُّ وصحَّحه، لكِنْ أبو العَجْفاء فيه ضعفٌ (٦).


(١) تقدم في أول النكاح ذكر بعض أدلة إباحة التزوج بدون مهر للنبي .
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٣٠)، ومسلم (١٤٢٥)، من حديث سهل بن سعد الساعدي .
(٣) ينظر: المبسوط ٥/ ٦٢، المقدمات والمهمات ١/ ٤٦٨، نهاية المطلب ١٣/ ٦، المغني ٧/ ٢١٠.
(٤) في (ق): حوصم.
(٥) أخرجه مسلم (١٤٢٦).
(٦) تقدم تخريجه ٧/ ٦٠٦ حاشية (٤)، قال الترمذي: (الأوقية عند أهل العلم: أربعون درهمًا وثنتا عشرة أوقية أربع مائة وثمانون درهمًا).