للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ)، صغيرةً كانَتْ أوْ كبيرةً، (بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَرِهَتْ)؛ لأِنَّ عمرَ خَطَبَ النَّاسَ فقال: «لا تُغالُوا في صَداقِ النِّساء، فما أَصْدَقَ رسولُ الله أحدًا من نسائه ولا بَناتِه أكثرَ من اثنتَيْ عَشْرةَ أوقِيَّةً» (١)، وكان ذلك بمَحضَرٍ من الصَّحابة، ولم يُنكَرْ، فكان اتِّفاقًا منهم على أنَّ له أنْ يُزَوِّجَ بذلك، وإنْ كانَ دُونَ صَداقِ مِثْلِها، ولأِنَّه لَيسَ المقْصودُ من النِّكاح العِوَضَ، وإنَّما المقصودُ السَّكَنُ والاِزْدِواجُ، وَوَضْعُ المرأةِ في مَنصِبٍ عندَ مَنْ يَكفُلُها ويَصونُها، والظَّاهِرُ من الأب مع تمامِ شَفَقَتِه وحُسْنِ نَظَرِه أنَّه لا يَنقُصُها من الصَّداق إلاَّ لتحصيلِ المعانِي المقصودةِ، فلا يُمنَعُ منه، وعُقودُ المُعاوَضاتِ المقْصودُ منها العِوَضُ.

لا يُقالُ: كَيفَ يَملِكُ الأبُ تزويجَ الثيب (٢) الكبيرةِ بِدُونِ صَداقِ مِثْلِها؛ لأِنَّ الأَشْهَرَ: أنَّه يُتصوَّرُ بأنْ تَأذَنَ (٣) في أصْلِ النِّكاح دُونَ قَدْرِ المهرِ.

وقِيلَ: عليه تَتْميمُه؛ كبَيعه بعضَ مالها بِدُونِ ثَمَنِه لسُلْطانٍ يَظُنُّ به حِفْظَ الباقي، ذَكَرَه في «الاِنتصار».

وقِيلَ: لثيبٍ (٤) كبيرةٍ؛ لِصحَّة تصرُّفها، وفي «الرَّوضة»: إلاَّ أنْ تَرْضَى بِمَا وَقَعَ عليه العَقْدُ قَبلَ لُزومِه.

(وَإِنْ فَعَلَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا)، وكانَتْ رَشيدةً؛ (صَحَّ)؛ لأِنَّ الحقَّ لها، فإذا رَضِيَتْ بإسْقاطِه سَقَطَ؛ كبَيعِ سِلْعَتِها، (وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ الاِعْتِرَاضُ)؛ لأِنَّ الحقَّ في ذلك تمحَّضَ لها دُونَ غَيرِها، بخِلافِ تزويجها بغَيرِ كُفُؤ.

(وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا؛ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ)؛ لأِنَّه قيمةُ بُضْعِها، ولَيسَ للوليِّ


(١) تقدم تخريجه ٧/ ٦٠٦ حاشية (٤).
(٢) في (ق): البنت.
(٣) في (ق): يأذن.
(٤) في (ق): لبنت.