للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَإِنِ امْتَنَعَا مِنَ التَّوْكِيلِ؛ لَمْ يُجْبَرَا) على المشهور، حتَّى إنَّ القاضِيَ في «الجامع الصَّغير» والشَّريفَ وغيرَهما لم يَذكُروا خلافًا؛ لأِنَّهما رشِيدانِ، والبُضْعُ حقُّ الزَّوج، والمالُ حقُّ الزوجة (١)، فلم يُجبَرَا على التَّوكيل منهما؛ كغَيرهما من الحقوق.

(وَعَنْهُ: أَنَّ الزَّوْجَ إِنْ وَكَّلَ فِي الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَوَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ فِي بَذْلِ الْعِوَضِ بِرِضَاهُمَا، وَإِلاَّ) إنْ أَبَيَا ذلك؛ (جَعَلَ الْحَاكِمُ إِلَيْهِمَا ذَلِكَ)، اخْتارَهُ ابنُ هُبَيرةَ، والشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٢)، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ.

وحِينَئِذ: لهما فِعْلُ ما رَأَياهُ بغَيرِ رِضَا الزَّوجَينِ، رُوِيَ عن عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ (٣)؛ لأِنَّ اللهَ تعالى سمَّاهما حَكَمَينِ، وعن عَبِيدةَ السَّلْمانيِّ: «أنَّ رجلاً وامرأتَه أَتَيَا عَلِيًّا، مع كلٍّ (٤) منهما فئام (٥) من النَّاس، فقال عليٌّ: ابْعَثُوا حَكَمًا من أهله وحَكَمًا من أهلها، فبَعَثُوا حَكَمَينِ، ثُمَّ قال للحكمين: هل


(١) في (ظ) و (ق): الزوجية.
(٢) ينظر: الفروع ٨/ ٤١٥.
(٣) أثر علي سيأتي قريبًا في كلام المصنف، وأثر ابن عباس : أخرجه عبد الرزاق (١١٨٨٥)، والطبري في التفسير (٦/ ٧٢٥)، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس قال: بُعثت أنا ومعاوية حكمين، فقيل لنا: «إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما»، قال الإمام أحمد عن عكرمة بن خالد كما في العلل ١/ ٤٠٣: (لم يسمع من ابن عباس شيئًا)، وأخرجه عبد الرزاق (١١٨٨٧)، والشافعي في الأم (٥/ ١٢٥)، والطبري في التفسير (٦/ ٧٢٥)، والبيهقي في الكبرى (١٤٧٨٦)، عن ابن أبي مليكة، وذكر القصة بطولها. وعبد الله بن أبي مليكة عن عثمان مرسل كما قال أبو زرعة، ولذا قال ابن حزم في المحلى ٩/ ٢٤٧: (لا يصح، لأنه لم يأت إلا منقطعًا)، وأخرج الطبري في التفسير (٦/ ٧٢٢)، وابن أبي حاتم في التفسير (٥٢٨٣)، والبيهقي في الكبرى (١٤٧٨٧)، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس نحوه، ولا بأس بإسناده، فالأثر قوي بمجموع الطرق.
(٤) زيد في (ق): واحد.
(٥) في (م): قيام.