للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدُ رُكْنَي المعاوَضةِ، وهو العَقْدُ، فيَصِحُّ منه قَبْضُ العِوَضِ الذي هو الرُّكنُ الآخَرُ؛ قياسًا عليه.

فعلى هذا: يَصِحُّ قَبْضُ العبدِ والمحجورِ عَلَيهِ؛ لأِنَّ مَنْ صحَّ خُلْعُه صحَّ قَبْضُه العِوَضَ، كالمحْجور عليه لِفَلَسٍ، ونَصَّ عليه أحمدُ في العبد (١)، قال في «الشَّرح»: والأَوْلَى أنَّه لا يَجوزُ.

فإنْ سَلَّمَتِ العِوَضَ إلى المحجور عليه؛ لم يَبرَأْ (٢)، فإنْ أخَذَه الوليُّ منه؛ بَرِئَتْ، وإنْ سَلَّمَت العبدَ؛ برئتْ مُطلَقًا.

قال صاحِبُ «النِّهاية» فيها: والأوَّلُ أصحُّ؛ لأِنَّ النَّظَرَ له في صحَّة العَقْد دُونَ قَبْضِه.

(وَهَلْ لِلْأَبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ طَلَاقُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

إحداهما: له ذلك، نَصَرَه القاضي وأصحابُه؛ لأِنَّه يَصِحُّ أنْ يُزوِّجَه بعِوَضٍ، فلأن يَصِحَّ أنْ يُطلِّقَ عليه بعِوَضٍ بطريق (٣) الأَوْلَى.

لا يُقالُ: التَّزويجُ إدْخالُ ملْكٍ والخُلْعُ عَكْسُه؛ لأِنَّ الأبَ كامِلُ الشَّفَقة، فلا يَفعَلُه إلاَّ لمصلحةِ ولده (٤)، وكالحاكِم يملِكُ الطَّلاق على الصَّغير والمجنون بالإعْسارِ.

والثَّانية، وهي الأَشْهَرُ: لا يَملِكُه وِفاقًا للأكْثَرِ؛ لقَوله : «الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بالسَّاق» رواه ابنُ ماجَهْ والدَّارقُطْنِيُّ بإسْنادٍ فيه ضعف (٥)،


(١) ينظر: المغني ٧/ ٣٥٥.
(٢) كذا في النسخ الخطية، والذي في المغني ٧/ ٣٥٥، والشرح ٢٢/ ١٧: تبرأ.
(٣) في (م): من طريق.
(٤) قوله: (ولده) في (ظ) و (ق): فيه لذة فيه. والمثبت موافق للممتع ٣/ ٧٤٩.
(٥) قوله: (فيه ضعف) في (م): ضعيف.
والحديث أخرجه ابن ماجه (٢٠٨١)، من طريق ابن لهيعة، وأخرجه الدارقطني (٣٩٩١)، والبيهقي في الكبرى (١٥١١٦)، من طريق أبي الحجاج المهري، كلاهما عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا. وابن لهيعة وأبو الحجاج رشدين بن سعد، كلاهما ضعيف، وأخرج الدارقطني (٣٩٩٣) له شاهدًا من حديث عصمة بن مالك . وفيه الفضل بن المختار البصري، وأحاديثه منكرة، عامّتها مما لا يتابع عليه، يحدّث بالأباطيل. قاله أبو حاتم وابن عدي. والحديث ضعفه ابن عدي والإشبيلي وابن الجوزي وابن الملقن والبوصيري وابن حجر، وحسّنه بهذه الطرق الألباني. ينظر: الجرح والتعديل ٧/ ٦٩، الأحكام الوسطى ٣/ ٣٠٩، العلل المتناهية ٢/ ١٥٨، البدر المنير ٨/ ١٣٨، مصباح الزجاجة ٢/ ١٣١، الدراية ٢/ ١٩٨، الإرواء ٧/ ١٠٨.