للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال صاحِبُ «النِّهاية» وغَيرُه: والأوَّلُ أصحُّ، والفَرْقُ بَينَ الطَّلاق والعِتاق من حَيثُ إنَّ الأَصْلَ في الأَبْضاع الحُرْمةُ، وفي الأمْوالِ العِصْمةُ، فإذا تَعارَضَ دليلا (١) الطَّلاق؛ وَجَبَ وُقوعُه؛ لأِنَّ الأصلَ حرمةُ الوطْءِ، وإذا تَعارَضَ دليلا (٢) العِتْق؛ وَجَبَ عَدَمُ وُقوعِه؛ لأِنَّ الأصلَ عِصْمةُ الملك.

فإنْ قِيلَ: لو طُلِّقَتْ بذلك لَوَقَعَ الطَّلاقُ بشَرطٍ سابِقٍ على النِّكاح، ولا خِلافَ أنَّه لو قال لأِجْنَبِيَّةٍ: إن (٣) دَخَلْت الدَّارَ فأنْتِ طالِقٌ، فتزوَّجها، ثُمَّ دخلت الدار (٤)؛ لم تَطلُقْ، والفَرْق: أنَّ النِّكاحَ الثَّانيَ مَبْنِيٌّ على الأوَّل في عَدَدِ الطَّلقات، وسقوطِ اعْتِبار العدد، وبهذا فرَّق صاحِبُ «المغْنِي» فيه بَينَ الطَّلاق والملْكِ.

(وَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ؛ عَادَتْ رِوَايَةً وَاحِدَةً)؛ لأِنَّ اليَمينَ لم تَنحَلَّ؛ لكَونِ الصِّفة في حالِ البَيْنونَة لم تُوجَدْ، فإذا وُجِدت الصِّفةُ بعدَ التَّزويج؛ وَجَبَ أنْ تعمل (٥) عَمَلَها، كما لو لم تكن (٦) بَينُونةً.

فإنْ كانَت الصِّفةُ لا تُوجدُ بعدَ النِّكاح الثَّاني؛ كقوله: إنْ أكَلْتِ هذا الرَّغيفَ فأنْتِ طالِقٌ ثلاثًا، ثُمَّ أبانَها فأكَلَتْه، ثُمَّ نَكَحَها؛ لم يَحنَثْ.

أصلٌ: يَحرُمُ الخُلْعُ حيلةً لِإسْقاطِ يمينِ الطَّلاق، ولا يَقَعُ في اخْتِيارِ الأكثرِ، واحْتَجَّ القاضِي بما رُوِيَ عن عمرَ أنَّه قال: «الحَلِفُ حِنْثٌ أوْ نَدَمٌ» رواه ابنُ بَطَّةَ (٧).


(١) في (ظ) و (ق): دليل. والمثبت موافق لما في الممتع ٣/ ٧٧٣.
(٢) في (ظ) و (ق): دليل.
(٣) في (م): إذا.
(٤) قوله: (الدار) سقط من (ظ) و (ق).
(٥) في (م): يعمل.
(٦) في (م) و (ق): لم يكن.
(٧) أخرجه ابن بطة في إبطال الحيل (ص ٦٧)، وأخرجه ابن أبي شيبة (١٢٦١٦)، والبخاري في التاريخ الكبير (٢/ ١٢٩)، والبيهقي في الكبرى (١٩٨٤٠)، عن محمد بن زيد، عن عمر ، بلفظ: «إن اليمين مأثمة أو مندمة». قال البخاري: (وحديث عمر أولى بإرساله)، قال الألباني في الضعيفة ١٤/ ٨٢١: (يعني: انقطاعه بين محمد بن زيد وجده الأعلى عمر بن الخطاب).