للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأِنَّه طلَّق (١) امرأتَه البَتَّةَ فغضب، رواه الدَّارَقُطْنِيُّ (٢)، ولأِنَّه تحريمٌ للبُضع (٣) من غير حاجةٍ، فحرم (٤) كالظِّهار، بل هذا أَوْلَى؛ لأِنَّ الظِّهارَ يَرتَفِعُ تحريمُه بالتَّكفير.

والثالثة (٥): يَحرُم في الطُّهْر لا الأطهار (٦).

وظاهِرُه: أنَّه إذا طلَّق اثْنَتَينِ فهو للسنة (٧)، وإنْ كان الجَمْعُ بِدعةً، وقال المجْدُ: هو كما لو جَمَعَ بَينَ الثَّلاثِ.

مسألةٌ: إذا أوْقَعَ ثلاثًا في كَلِمةٍ واحِدةٍ؛ وَقَعَ الثَّلاثُ، رُوِيَ عن جماعةٍ من الصَّحابة (٨)، وهو قَولُ أكثرِ العلماء.

وقال جماعةٌ: مَنْ طلَّق البِكْرَ ثلاثًا فهو واحِدةٌ.


(١) كذا في النسخ الخطية، وصوابه كما في المغني ٧/ ٣٦٩ والشرح الكبير ٢٢/ ١٨٢: سمع رجلاً طلق.
(٢) أخرجه الدارقطني (٣٩٤٥)، من حديث عليٍّ . وإسناده ضعيف جدًّا، فيه: عبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي، قال ابن معين: (ليس حديثه بشيء)، قال البخاري: (منكر الحديث)، وفيه ضعفاء آخرون، وضعفه الإشبيلي وابن حجر، قال الألباني: (موضوع). ينظر: الكامل لابن عدي ٧/ ٢١، الأحكام الوسطى ٣/ ١٩٦، الدراية ٢/ ١٠٢، الضعيفة (٢٨٩٤).
(٣) في (م): البضع.
(٤) في (م): محرم.
(٥) في (م): والثانية.
(٦) في (م): لا الظهار. والمعنى: الجمع في الطهر بدعة، والتفريق في الأطهار من غير مراجعة سنة. ينظر: الإنصاف ٢٢/ ١٨١.
(٧) في (م): السنة.
(٨) روي عن جماعة من الصحابة منهم: عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيرهم .
أما أثرُ عمر : فأخرجه ابن أبي شيبة (١٧٨٠١)، ومن طريقه ابن عبد البر في الاستذكار (٦/ ٧)، وابن حزم في المحلى (٩/ ٣٩٩)، عن زيد بن وهب، أن رجلاً بطَّالاً كان بالمدينة، طلق امرأته ألفًا، فرجع إلى عمر فقال: إنما كنت ألعب، «فعلا عمر رأسَه بالدرة وفرَّق بينهما»، وإسناده صحيح.
وأما عثمان : فأخرجه ابن أبي شيبة (١٧٨٠٥)، ومن طريقه ابن عبد البر في الاستذكار (٦/ ٧)، وابن حزم في المحلى (٩/ ٣٩٩)، من طريق جعفر بن برقان، عن معاوية بن أبي يحيى قال: جاء رجل إلى عثمان فقال: إني طلقت امرأتي مائة قال: «ثلاث تحرمها عليك، وسبعة وتسعون عدوان». ومعاوية بن أبي يحيى ترجم له البخاري في التاريخ (٧/ ٣٣٢)، وقال: (روى عنه جعفر بن برقان)، وجعفر بن برقان لا بأس بحديثه في غير الزهري.
وأما أثر عليٍّ : فأخرجه ابن أبي شيبة (١٧٨٠٢)، والبيهقي في الكبرى (١٤٩٦١)، عن حبيب قال: جاء رجل إلى علي فقال: إني طلقت امرأتي ألفًا قال: «بانت منك بثلاث، واقسم سائرها بين نسائك»، وحبيب عن علي منقطع، وعند البيهقي: عن حبيب بن أبي ثابت، عن بعض أصحابه قال: جاء رجل. وذكره. وأخرجه البيهقي في الكبرى (١٤٩٥٩، ١٤٩٦٠)، من طريقين بإسنادين لا بأس بهما عن علي فيمن طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها قال: «لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره».
وأما أثر ابن مسعود : فأخرجه ابن أبي شيبة (١٧٧٩٨)، عن علقمة، عن عبد الله قال: أتاه رجل فقال: إني طلقت امرأتي تسعة وتسعين مرة، قال: «فما قالوا لك؟» قال: قالوا: قد حرمت عليك، قال: فقال عبد الله: «لقد أرادوا أن يبقوا عليك، بانت منك بثلاث، وسائرهن عدوان»، وإسناده صحيح.
وأما ابن عباس : فأخرجه عبد الرزاق (١١٣٥٣)، وابن أبي شيبة (١٧٨٠٤)، عن سعيد بن جبير قال: جاء ابن عباس رجل فقال: طلقت امرأتي ألفًا، فقال ابن عباس: «ثلاث تحرمها عليك، وبقيتها عليك وزرًا، اتخذت آيات الله هزوًا»، وإسناده صحيح. وروي عنه من وجوه أخرى صحيحة.