للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتارة يمكن كونُه حَيضًا، وذلك في حالين:

أحدهما: أن يكون بضَمِّه إلى الدم الأوَّل لا يكون بين طَرَفَيْها أكثر من خمسة عشر يومًا، فإذا تكرَّر جعلناهما حيضة واحدة تلفق أحدهما إلى الآخر، ويكون الطهر الذي بينهما طهرًا في خلال الحيضة، كما لو كانت عادتها عشرة أيام من أوَّلِ الشهر، فرأت منها خمسة دمًا، وطهُرت خمسةً، ثمَّ رأت خمسة دمًا، فلو رأت الثَّاني ستة أو أكثر، امتنع ذلك لما ذكرناه.

والثَّاني: أن يكون بينهما أقلُّ الطهر، وكل من الدَّمَيْن يصلُح حيضًا بمفرده؛ كيوم وليلة فصاعدًا؛ فهذا إذا تكرَّر يكون الدَّمان حَيْضَتَين، وإن نقص أحدهما عن أقلِّ الحيض؛ فهو دم فساد.

(وَالصُّفْرَةُ وَالكُدْرَةُ) - وهي شيءٌ كالصَّديد يعلوه صُفرة وكُدرة - (فِي أَيَّامِ الحَيْضِ) أي: زَمَن العادة؛ (مِنَ الحَيْضِ)؛ لدخولهما في عموم النص؛ ولقول عائشة (١).

وظاهره: أنَّه إذا رأته بعد العادة والطهر؛ أنَّها لا تلتفت إليه، نصَّ عليه (٢)؛ لقول أم عطية: «كُنَّا لا نَعُدُّ الصفرة والكدرة بعد الطهر شيْئًا» رواه أبو داود، والبخاري ولم يذكر: «بعد الطهر» (٣).

وعنه: بلى إن تكرَّر؛ لقول أسماء (٤)، واختاره جماعة.


(١) تقدم قريبًا.
(٢) ينظر: مسائل أبي داود ص ٣٨، مسائل ابن منصور ٣/ ١٣١٦.
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٦)، من طريق ابن سيرين عن أم عطية ، وأبو داود (٣٠٧)، من طريق حماد عن أم الهذيل حفصة بنت سيرين عن أم عطية ، ولم يتفرد بها حماد بل تابعه غيره كما أشار إلى ذلك ابن رجب، وبوب البخاري عليه بما يفيد ثبوتها فقال: (باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني. ينظر: المستدرك (٦٢١)، فتح الباري لابن رجب ٢/ ١٥٥، الإرواء ١/ ٢١٩.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٠٧)، والدارمي (٨٨٩)، وابن المنذر في الأوسط (٨١٦)، والبيهقي في الكبرى (١٥٩٢)، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء قالت - أي: فاطمة-: كنا نكون في حجرها، فكانت إحدانا تحيض ثم تطهر فتغتسل وتصلي، ثم تنكِّسها الصفرة اليسيرة، فتأمرنا أن نعتزل الصلاة حتى لا نرى إلا البياض خالصًا، وإسناده حسن.