للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنْ كان تسليمَ الصَّلاة؛ فلا حِنْثَ؛ لأِنَّه للخروج منها، إلاَّ أنْ يَنوِيَ بتسليمه على المأمومِينَ، فيكون كما لو سلَّم عليهم (١) في غير الصَّلاة.

ويَحتَمِلُ: لا يحنث (٢) بحالٍ؛ وهذا لا (٣) يُعَدُّ تكليمًا، ولا يُريده الحالِفُ.

(وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا، أَوْ غَائِبًا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ نَائِمًا؛ لَمْ يَحْنَثْ) في الأصحِّ؛ لأِنَّ التَّكلُّمَ فعلٌ يتعدَّى المتكلِّمَ، وقِيلَ: هو مأخوذٌ من الكَلْم، وهو الجَرْح؛ لأِنَّه يُؤثِّرُ فيه كتأثير الجرح، ولا يكون ذلك إلاَّ باسْتِماعه.

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ)، وحكاه روايةً: (يَحْنَثُ)؛ لأِنَّ إشعارَه بالكلام غيرُ معتبَرٍ؛ كقوله: كيف (٤) تُكلِّمُ أجسادًا لا أرواحَ فيها!

وجوابُه: بأنَّ تكليمَه لهم كانت من معجزاته ، فإنَّه قال: «ما أنتم بأسمَعَ لِمَا أقولُ منهم» (٥)، ولم يَثبُتْ هذا لغيره، مع أنَّ قَولَ الصَّحابة له (٦) حجَّةٌ لنا، فإنَّهم قالوا ذلك اسْتِبْعادًا، وسؤالاً عمَّا خَفِيَ عليهم سببُه، حتَّى كَشَفَ لهم حكمةَ ذلك بأمرٍ يَختصُّ به، فبَقِيَ الأمرُ فِيمَنْ سِواهُ على النَّفي.

تَتِمَّةٌ: إذا حَلَفَ لا يُكلِّم إنسانًا، فكلَّم غيرَه وهو يَسمَعُ، يَقصُدُ بذلك إسماعَه؛ كما يُقالُ: إيَّاكِ أعْنِي واسمعي (٧) يا جارةُ؛ حَنِثَ، نَصَّ عليه (٨).


(١) قوله: (عليهم) سقط من (م).
(٢) في (ظ): لا حنث.
(٣) قوله: (وهذا لا) في (م): لأن هذا. والمثبت موافق لما في المغني ٧/ ٤٦٠.
(٤) قوله: (كيف) سقط من (ظ). وعبارة الشرح الكبير ٢٢/ ٥٣٩: (لقول أصحاب النبي : كيف تكلم أجسادًا لا أرواح فيها؟).
(٥) أخرجه البخاري (٣٩٧٦)، ومسلم (٢٨٧٤)، من حديث أنس في قصة قتلى المشركين يوم بدر.
(٦) قوله: (له) سقط من (م).
(٧) في (م): فاسمعي.
(٨) ينظر: المغني ٧/ ٤٦٠.