للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنا، والجامِعُ بَينَهما: تيقُّنُ الأصلِ، والشَّكُّ فِيما بعدَه.

وظاهِر كلامِ الإمامِ والأصحابِ: أنَّه إذا راجَعَها؛ حلَّتْ له؛ لأِنَّ الرَّجعةَ مزيلةٌ لحكم (١) المتيقَّنِ من الطَّلاق، فإنَّ التَّحريمَ أنْواعٌ: تحريمٌ تزيله (٢) الرَّجعةُ، وتحريمٌ يُزيلُه نكاحٌ جديدٌ، وتحريمٌ يُزيلُه نكاحٌ بعدَ زَوجٍ وإصابةٍ، ومن تيقَّنَ الأدنى لا (٣) يَثبُتُ فيه حكمُ الأعلى؛ كمَنْ تيقَّنَ الحَدَثَ الأصغرَ؛ لا يَثبُتُ فيه حكمُ الأكبرِ، ويُخالِفُ الثَّوبَ، فإنَّ غَسْلَ بعضه لا يَرفَعُ ما تَيقَّنه (٤) من النَّجاسة.

ومن أصحابنا مَنْ مَنَعَ حصولَ التَّحريم بالطَّلاق؛ لكَونِ الرَّجْعة مُباحةً، فلم يكُن التَّحريمُ مُتَيَقَّنًا.

(وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً؛ مُنِعَ وَطْءَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتِ التِي وَقَعَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حَتَّى يَأْكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ).

إذا تيقَّنَ أكلَ التَّمرة المحلوفِ عليها، أوْ أنَّه لم يأكُلْها؛ فلا إشْكالَ في ذلك بغير خلافٍ (٥).

فإنْ أكَلَ منه (٦) شيئًا - قلَّ أو كثر (٧) - ولم يَدْرِ أَكَلَها أوْ لا، فلا يَتحقَّقُ حِنْثُه؛ لأِنَّ الباقيةَ يَحتَمِلُ أنَّها المحلوفُ عليها، ويقينُ النِّكاح ثابِتٌ، فلا يَزولُ بالشَّكِّ، فعلى هذا: حكمُ الزَّوجيَّة باقٍ إِلاَّ في الوَطْء، فإنَّ الخِرَقِيَّ يَمنَعُ منه؛


(١) في (م): تزيل الحكم.
(٢) في (ظ): يزيله.
(٣) في (م): يتيقن الأذى ولا.
(٤) في (م): ما تيقن.
(٥) ينظر: المغني ٩/ ٦١٣.
(٦) في (ظ): منها.
(٧) في (م): أقل أو أكثر.