للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأِنَّه شاكٌّ في حِلِّها، كما لو اشْتَبَهت امرأتُه بأجنبيَّةٍ.

وذَكَرَ أبو الخَطَّاب وغَيرُه: أنَّها باقيةٌ على الحِلِّ؛ لأِنَّ الأصلَ الحِلُّ، فلا يُزولُ بالشَّكِّ؛ كسائر أحكام النِّكاح، وكما لو شكَّ هل طلَّق أمْ لا.

فإن كانَتْ يمينُه: ليأكلَنَّ هذه التَّمرة، فلا يتحقَّق بِرُّه حتَّى يَعلَمَ أنَّه أكَلَها.

فرعٌ: إذا قال لزَوجتَيهِ أوْ أَمَتَيهِ: إحداكما طالِقٌ أوْ حرَّةٌ غَدًا، فماتَتْ إحداهما قبلَ الغد؛ طَلَقَتْ وعَتَقَتْ الباقيةُ في ظاهر المذهب، وقِيلَ: يُقرِعُ بَينَهما كمَوتِهما، وهل تَطلُقُ إذِنْ أَوْ منذ طَلَّقَ؟ فيه وجْهانِ.

(وَإِنْ قَالَ لاِمْرَأَتَيهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، يَنْوِي وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً؛ طَلَقَتْ وَحْدَهَا)؛ لأِنَّه عيَّنَها بنيَّتِه (١)، أشْبَهَ ما لو عيَّنَها بلَفْظِه، فإن (٢) قال: أردتُ فُلانةَ؛ قُبِلَ؛ لأِنَّ ما قالَهُ مُحتَمِلٌ، ولا يُعرَفُ إلاَّ مِنْ جِهَته.

(وَإِنْ لَمْ يَنْوِ؛ أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ)، نَصَّ عليه في روايةِ جماعةٍ (٣)، رُوِيَ عن عليٍّ (٤)، وابنِ عبَّاسٍ (٥)، ولا مُخالِفَ لهما في الصَّحابة، وقاله


(١) في (م): بنيةٍ.
(٢) في (م): فلو.
(٣) ينظر: الطرق الحكمية ص ٢٥٢.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٨٠١١)، عن أبي جعفر، أن عليًّا قال: «أقرع بينهن». ذكره تحت باب: (في الرجل تكون له النسوة فيقول: إحداكن طالق ولا يسمي)، أبو جعفر الباقر عن علي مرسل.
(٥) أخرجه سعيد بن منصور (١١٧٢)، وابن أبي شيبة (١٩٠٦٢)، وأبو عبيد في الغريب (٥/ ٢٤٩)، والبيهقي في الكبرى (١٥١٣٤)، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس في رجل كنَّ له نسوة، فطلق إحداهن ثم مات، لم يُعلم أيتهن طلَّق؟ فقال ابن عباس: «ينالهنَّ من الطلاق ما ينالهنَّ من الميراث»، إسناده صحيح، وقد فسره إسحاق بن راهويه بما يفيد القرعة بينهن، وفسره أبو عبيد بأنه يكون موقوفًا حتى تُعرف بعينها، فيعتزلهن جميعًا إذا كان الطلاق ثلاثًا، وفسره أحمد بأن الطلاق يقع عليهن جميعًا كما يرثن جميعًا. ينظر: مسائل إسحاق بن منصور ٤/ ١٩٥٢.
وأخرج سعيد بن منصور (١١٧٣)، وحرب الكرماني في مسائله (١/ ٤٦٢)، من وجه آخر عن ابن عباس ، أنه سُئل عن رجل له أربع نسوة، فطلَّق إحداهن لا يدري أيتهن هي. فقال ابن عباس: «إن كنت علمتها ثم نسيتها؛ فإنهن يشتركن في الطلاق كما يشتركن في الميراث، وإن كنت لم تنو واحدة منهن؛ فاختر أيتهن شئت»، وفيه ضعف.