للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابنُ عبَّاسٍ: «﴿للذين يؤلون﴾: يَحْلِفونَ» (١)، حكاه عنه (٢) أحمد (٣)، وكان أهلُ الجاهليَّة إذا طَلَبَ الرَّجلُ من امرأته شيئًا فأَبَتْ أنْ تطيعه (٤)، حَلَفَ أنْ لا يَقرَبَها السَّنَةَ والسَّنَتَينِ والثَّلاثَ، فيَدَعُها لا أيِّمًا ولا ذاتَ بَعْلٍ، فلمَّا كان الإسلامُ جعل الله ذلك للمسلمين (٥) أربعةَ أشْهُرٍ.

وهو محرَّمٌ في ظاهر كلامِ جماعةٍ؛ لأِنَّه يمينٌ على تركِ واجبٍ.

وكان الإيلاءُ والظِّهارُ طلاقًا في الجاهليَّة، وذَكَرَه أحمدُ في الظِّهار عن أبِي قِلابَةَ وقَتادةَ (٦).

وحاصِلُه: أنَّ الشَّرعَ غيَّر حكمَه الذي كان معروفًا عندَهم.

(وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ)، هذا بيانٌ لِمَعْنى الإيلاءِ شرعًا، وفيه نَظَرٌ؛ لأِنَّه لم يُقيِّدْه بحَلِفِ الزَّوج بالله تعالى، أوْ صفةٍ من صفاته على تَرْكِ وَطْءِ الزَّوجة في القُبُل، ولم يقيِّدْه بالمدَّة، وهذا ليس بداخلٍ في حقيقته، وإنَّما هي شروطٌ.

والأَوْلَى فيه أنْ يُقالَ: كلُّ زوجٍ صحَّ طلاقُه صحَّ إيلاؤه، فهو (٧) إذَنْ: حَلِفُ زوجٍ يُمكِنُه الوطءُ، بالله تعالى أوْ صفةٍ من صفاته، على تركِ الوطء، ولو قبلَ الدُّخول، في القُبُل.


(١) أخرجه الطبري في التفسير (٤/ ٦٢، ٨٣)، وابن أبي حاتم في التفسير (٢١٧٠)، والبيهقي في الكبرى (١٥٢٣١)، عن ابن عباس ، ولفظه: «الرجل يحلف لامرأته - لا ينكحها - بالله»، ولا بأس بإسناده.
(٢) في (ظ): عن.
(٣) ينظر: المغني ٧/ ٥٣٦.
(٤) في (م): تعطيه.
(٥) في (م): للمسلم.
(٦) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٣٢٨.
(٧) في (ظ): وهو.